ليست هي المرة الأولى ألتي تقدم فيها إيران على مغامرات غير محسوبة النتائج وتدفع بحلفائها الاقليميين المفترضين وخصوصا الشيعة منهم ومن يدور في فلكهم (العلويين والحوثيين ) نحو حروب مدمرة تتجاوز تكاليفها البشرية والمادية والنفسية حدود المعقول.
ومن الصعب على الذاكرة الإحاطة بكل تلك المغامرات سوى ما بقي عالقا فيها بدءا بحرب تموز 2006 ألتي استمرت ل33 يوما استبيح خلالها لبنان وخصوصا المناطق ذات الاغلبية الشيعية حيث تحولت إلى أهداف سهلة للطيران الحربي الإسرائيلي الذي قام خلالها بآلاف الغارات الجوية التي دمرت معظم البنى التحتية فيه عدا الخسائر البشرية من قتلى وجرحى والتي يصعب حصرها.
إلى البحرين حيث يندفع الشيعة هناك بتشجيع من إيران بتظاهرات واعتصامات تصل إلى حدود إثارة الفوضى والشغب وترفع شعارات تتجاوز الحد المسموح به من المطالب التي بالإمكان مناقشتها مع السلطات وتقدم على ممارسات تخل بالأنظمة المرعية فيأتي الرد بالقمع والسجن.
وتمر بنا الذاكرة إلى غزة حيث أقدمت المنظمات الفلسطينية حركة حماس والجهاد الإسلامي وامثالهما وبدعم إيراني على مغامرة ترتب عليها تحويل غزة بسكانها وابنيتها وطرقاتها وكافة المرافق فيها إلى مرمى لمدفعية اسرائيل وغاراتها الجوية المكثفة لشهور حتى تحولت معظم المباني فيها إلى أثر بعد عين عدا عشرات الآلاف من الضحايا الابرياء بين قتيل وجريح من أطفال ونساء وشيوخ غير المئات من الشباب المجندين للقتال.
أما في سوريا والعراق فمنذ سنوات وطواحين الموت وآلة الدمار والخراب لا تهدأ وتعمل ليلا نهارا دون توقف حيث تحصد يوميا العشرات وربما المئات من القتلى والجرحى وتحول العشرات من المباني إلى ركام. وذلك لاصرار ايران على تأييدها للنظام ودعمه بكل الوسائل العسكرية واللوجستية والأمنية.
ولا يبدو في الأفق المنظور ما يشير إلى احتمال توقف هذه المجازر البشرية والدمار الهائل طالما ان مفتاح التشغيل بيد الجنرال قاسم سليماني الذي لمع نجمه وبرز إسمه كقائد ميداني لكافة العمليات العسكرية النوعية بعد ان كان شبحا يقود الميليشيات والخبراء والذي بلغ به الغرور عندما تحدث عن الأردن أنه مستعد لوضع يده عليه والذي لم ينفع معه اعتذاره عن هذا الخطأ القاتل فيما بعد.
وأخيرا في اليمن فإن التورط الإيراني الذي جاوز الخطوط الحمر لدرجة تهديد الأمن الاقليمي مما يعني أنها مغامرة بالغة التكاليف ذلك انه ليس مقبولا سقوط اليمن بيد تحالف الحوثيين وعلي عبدالله صالح والايرانيين وبالتالي ليس ممكنا السكوت عن تقدم الحوثيين من صنعاء باتجاه عدن ودق باب المندب بقوة وبتشجيع من القيادة الإيرانية والذي يشكل باب الأمن الإستراتيجي للعالم كله.
وما زاد من منسوب الخطر ان الأحداث المتسارعة في اليمن ترافقت مع الجلسات الأخيرة للمفاوضات النووية الأميركية الإيرانية. ومع الكلام المتزايد عن قيام شراكة كاملة بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. الأمر الذي شعر معه الجميع بالخطر من ان يكون هذا التقدم الإيراني في المنطقه تحت بنود الاتفاق النووى الإيراني الأميركي خطوة إلى الإمام لفرض مواقفها على الجميع.
وفي السياق ذاته فإن ايران ألتي استغلت حضورها السياسي والعسكري والأمني في أربع عواصم عربية هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء وحتى في غزة فإنها تناست قواعد استراتيجية أساسية من غير المسموح تجاوزها. فالمغامرة الإيرانية في اليمن كان لا بد من الرد عليها فكانت عاصفة الحزم الذي اجتاحت العالم بسرعة قياسية وفاجأته حيث نجح الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز في صياغة تحالف عربي عسكري عنوانه اليوم وليس غدا وسط تكتم وصمت لافتين وأثبت أنه رجل دولة حازم ومقتدر.
والتحالف تجاوز حدوده العربية ليخترق الواقع الاقليمي يبدأ من باكستان وتركيا إلى السعودية. لا شك ان عاصفة الحزم قلبت الطاولة وسترتب وكما هو واضح من كثافة الغارات الجوية على الحوثيين دفع اثمان سياسية وعسكرية باهظة وبالتالي سترخي بظلالها على الانفلات الإيراني. وعليه فلا بد للقيادة الإيرانية من إعادة حساباتها وعلى إلا تتخطى الطموحات الإيرانية حدود الخطر الذي يهدد أمن المنطقه.
ولم يعد بإمكان الشيعة دفع اثمان المغامرات الإيرانية الطموحة جدا والقاتلة.