كان نجم المحكمة الدولية والأكثر حضوراً من بين الشاهدين على الجريمة التي اغتالت لبنان وليس رفيق الحريري وحسب من خلال نتائج القتل وما أدّى الى انقسام سياسي وطائفي وضياع ما تبقى من رصيد لقيام دولة .
بلغ الرئيس فؤاد السنيورة في شهادته ذروة الانفعال السياسي الموجه ضدّ حزب الله رغم محاذير الحوار ومخاوف الحكومة وامكانية التدهور الفوري للعلاقات الطائفية بعد أن كبح المستقبل وحزب الله جماح جماهيرهما وأعادا للبنان سكينة طائفية ضرورية في مرحلة تشتعل بنار المذهبية .
ما قاله السنيورة في شهادته يعكس بصورة واضحة موقف المملكة العربية في مرحلة خرجت فيها السعودية عن دبلوماسيتها المرنة بعد أن تمادى الايراني في غيّه واستعلائه واستشلائه بمصالح العرب عموماً والخليج خصوصاً بحسب النظرة السعودية لدور الجمهورية الاسلامية السلبي في منطقة الشرق الأوسط .
لذا يمكن القول بأن الرئيس السنيورة قد أغار على ايران من خلال حزب الله من قبل أن تغير المملكة على الجمهورية من خلال اليمن وفتح النار باتجاه الهدف المطلوب سعودياً من قبل أن تتحرك نار المملكة ضدّ حوثيين حفاة لا حول لهم ولا قوّة سوى ما أكسبهم دسامة سياسية كي يأتي ذبحهم صيداً ثميناً تماماً كما يفعل الجزارون مع المواشي ( بعلفهم ) جيداً من أجل أن تزن الذبائح – طبعاً المثل يُضرب ولا يُقاس - .
والدليل على ما نقول هوطبيعة الود القائم بين حزب الله والمستقبل من خلال الحوار وان كان مجرد دور للتعبير عن حب المتحاورين لبعضهم البعض ومن خلال الحكومة التي يتقاسمها الطرفان والتي أعطت حصة السُنة كاملة للمستقبل حصراً مشابهاً للحصرية الشيعية في الحكومة وغيرها .
اضافة الى كميات التفاؤل الخارجة من قيادات الحوار وخاصة من الآمرين والناهيين في حزب الله والمستقبل في خطابات مناسباتية متعددة .
اذاً الظروف اللبنانية مشجعة على استكمال ورش الحوار وهذا ما يستدعي التنازل باتجاه متطلبات الحوار أي بتقديم مرونة في المواقف والابتعاد عن كل ما يضرّ بمصلحة الحوار الجاري بين ربيّ الطائفتين وبالتالي يكون التوتر المشوش على الحوار أمراً مفتعلاً نتيجة لمعطيات تتجاوز حدود اللعبة المحلية .
هذا من جهة ومن جهة ثانية فان اختيار السنيورة المحكمة الدولية باعتبارها منبراً دوليّاً مفتوحاً على العالم من أقصاه الى أقصاه لاطلاق سيل من الاتهامات ضدّ حزب الله بتحميل الأخير محاولات متكررة لقتل رفيق الحريري والتي لم يصرح بها من قبل رغم سنوح فرص عديدة تدفع بالحدية الطائفية الى آتون ناري متقدم الاّ أنه لم يفعل ذلك لسبب بسيط ولكنه خطير أراد من خلاله خصّ المحكمة الدولية بشيء جديد يُثبت الاتهام على جهة لا على متهمين منتسبين لجهة .
كما أن السنيورة قد أوقد ناراً في المحكمة الدولية لتصل ألسنتها الى من يهمه الأمر في لبنان وايران وكان الكبريت الذي أشعل بعيدانه السنيورة نار الاتهام كبريتة سعودية من شأنها محاصرة ايران مباشرة ومن خلال حلفائها أيضاً .
لقد لعب الرئيس السنيورة دوراً في مخاضات الولادات الجديدة لمرحلة عربية شرسة من شأنها الردّ على أدوار ايران المتعددة والتي تعتبرها المملكة العربية مُضرّة بمصالحها وبمصالح الأمّة العربية وهو بذلك قد كشف نفسه كمعتمد
ملكيّاً وبرتبة أكبر من رتبة سفير .