لم يتفاعل اللبنانيون على مقلبي الصورة مع هذا الخبر الحدث كما يفترض بوصفه خبراً مفاجئاً ومهماً، فلم نشهد مثلا أيّ من مظاهر الفرح أو أّيّ ردة فعل عفوية تحمل التعبير عن شعور الغبطة بنهاية قصة رجل حكم لبنان لحقبة زمنية سوداء لا نزال الى اللحظة نعاني من شرورها ومن تبعاتها، هذا عند خصوم النظام ، وكذلك في المقلب الاخر فاننا لم نشهد أي من مظاهر الحزن او إقامة مجالس عزاء بفقد “شهيد كبير” كان الى اللحظة الأخيرة يعتبرعندهم من “رفاق السلاح”.
ظاهرة اللامبالاة وعدم الاكتراث هذه من قبل اللبنانيين مردها الى امر واحد وهو المعرفة المسبقة الى ما كان سيؤول اليه مصير هذا الرجل، فصار الخبر وكأنه ليس اكثر من حصول ما هو حاصل، وحدوث ما هو متوقع وبالتالي فقد مرّ الخبر وكأنه قد حصل أولا ومنذ زمن في وعي اللبنانيين ولم يكن ينقصه اكثر من مجرد اعلان لا اكثر.
فاصغر ولد في لبنان على دراية تامة بان النظام السوري يعمد الى التخلص من كل من يمتّ الى جريمة اغتيال رفيق الحريري بصلة، ويعرف تماما بان هذا النظام المافيوي بكل تشعباته يتخلص من اثقال سفينته المتلاطمة بامواج من المشكلات عبر رميهم في البحر على امل انقاذ ما تبقى منها، ورستم غزالي لم يكن سابقة في هذا المجال فقد سبقه الى نفس المصير غازي كنعان (أبو يعرب) رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان، وكذلك لحقه المستشار الأمني للرئيس بشار الأسد وعديل ماهر الأسد العميد محمد سليمان الذي اغتيل بطرطوس بظروف قيل عن غموضها الكثير.
وفي هذا السياق نفسه جاء الحديث عن عملية الاغتيال التي تعرضت لها ما كان يسمى بخلية الازمة والتي ضمت الى جانب صهر الرئيس السوري آصف شوكت شخصيات امنية كبيرة. وهنا أيضا لا بد من الإشارة الى ما قيل عن تورط مباشر لمخابرات هذا النظام في اغتيال الشهيد عماد مغنية، ليس بوصفه متهما بالجريمة فاسمه لم يرد في لائحة الاتهام الصادرة عن المحكمة الدولية أصلا، ولكن بما قد يمتلك من معلومات حساسة نتيجة العلاقة المتميزة التي كان تربط الشهيد مع الدائرة الضيقة لهذه المخابرات.
وعليه فان خبر التخلّص من رستم غزالي قد فتح باب السؤال واسعا عند الكثير من المراقبين ومن المتابعين لاعمال المحكمة والتقدم الذي تحققه في مسار اعمالها عن الشخصية الجديدة التي سيعمد هذا النظام الى التخلص منها وشطبها من لائحة الأسماء الغير مرغوب ببقائهم في المرحلة القادمة وهنا يبرز بشكل كبير اسم المتهم الرئيسي مصطفى بدر الدين القيادي بحزب الله.
فاذا صح ما يقال عن دور طليعي لمصطفى بدر الدين بقيادة الكثير من المعارك الميدانية في الداخل السوري وبالتالي تواجده على الأراضي السورية وما حكي عن استهدافه المباشر بعملية القصف التي استهدفت الموكب القيادي في القنيطرة فان الكثير من الهمس حدّ الصراخ يسمع الآن في الصالونات وخلف الجدران عن سؤالين طفا الى السطح اكثر من أي وقت مضى يصبان في نفس الاتجاه، الأول: متى سينعي حزب الله شهيد الواجب الجهادي مصطفى بدر الدين؟ ويأتي السؤال الثاني مخففا: بعد رستم غزالي ماذا عن مصطفى بدر الدين؟