لقد بات واضحا إصرار الرئيس الأميركي باراك أوباما على إنجاز الإتفاق مع إيران حول الملف النووى الإيراني قبل نهاية ولايته مع ما قد يتركه هذا الاتفاق من انعكاسات سلبيه على دول المنطقة يتمثل بتأجيج الصراعات المذهبية (السنية الشيعية ) ويساعد على نمو التطرف الديني كرد فعل عليه. وكذلك التطرف السياسي الذي أتى بالفوز الكبير الذي حققه بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة داخل الكنيست الإسرائيلي.
فمع كل المواقف الأميركية السابقة التي تشدد دائما على عدم أهلية الرئيس السوري بشار الأسد للانخراط في التفاوض على حل للأزمة السورية جاء كلام وزير الخارجيه الأميركية جون كيري الأخير عن ضرورة الحديث مع الرئيس بشار الأسد للوصول إلى حل لهذه الأزمة ولوضع حد للحرب السورية المدمرة التي دخلت عامها الخامس. والذي لم تنفع مع هذا الكلام مجمل التصريحات الأميركية الرسميه اللاحقة التي تحاول أن تؤكد على ان الموقف الأميركي لم يتغير ولم تجدي التوضيحات على ان كلام كيري إما أتى مجتزءا أو الإدعاء بأن الالتباس ناجم عن مجرد استخدام كلمة الأسد بدل كلمة النظام.
وفي هذا السياق فإن أوساط سياسية لبنانية تخشى أن يكون وزير الخارجيه الأميركية جون كيري قد تسرع في الكشف عن موقف أميركي يمهد للاعتراف بالدور الاقليمي لإيران في المنطقه. سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية التي نجحت في العام الماضي في إنشاء تحالف دولي لمحاربة الإرهاب ومكافحته وفي مقدمته تنظيم داعش على أن تبقى إيران والنظام السوري خارجه. وتبين لاحقا ان هناك تناغما غير معلن وغض طرف أميركي عن تدخل إيراني لافت في العراق وسوريا تمثل في قيادة الجنرال قاسم سليماني للعمليات في العراق وتحديدا في تكريت وكذلك إعلان دمشق ان الأميركيين يحيطونها علما مسبقا بمكان وموعد غارات التحالف الدولي على مواقع داعش في الأراضي السورية.
لاشك أن غض النظر الأميركي عن مشاركة القوات الإيرانية في قتال داعش في العراق وسوريا ومساندة طهران للحوثيين في اليمن يؤجج الصراع المذهبي ويساعد حكما على تغذية التطرف السني. وبالتالي فإن الاتفاق النووى (الأميركي الإيراني ) والذي قد يخفي خلفه سلوكا أميركيا فيه شيء من التواطىء الاميركي الضمني مع إيران فإنه بالتأكيد سيدفع دولا في المنطقه للسعي إلى التزود بقدرات نووية وإنشاء مفاعلات نووية لأغراض سليمة. وفي هذا الإطار يندرج إعلان الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعوديه السابق وشقيق وزير الخارجيه عن أن الاتفاق النووى مع إيران سيشعل سباقا نوويا في المنطقه.