كانت قلعة بعلبك ولا زالت معلماً اثرياً عظيماً، قائمة على حجارة تمثل حضارة عمرها آلاف السنين، يقصدها الزوار من كافة الأقطار والمناطق للتعرف على تلك القيمة الأثرية التي لا مثيل لها في الشرق.

وكأنه لا يكفي حال الإهمال والحرمان الذي يعيشه الناس في المنطقة إضافة إلى إنعدام الحركة الإقتصادية في الأسواق التجارية،وتعليق آمالهم على الموسم السياحي مع بداية كل صيف لتنتعش معه الأسواق والمحال المحيطة بالقلعة، غير أن ما تتعرض له في الآونة الأخيرة من إهمال يفتح الباب أمام السؤال من يتحمل المسؤولية ومن يريد تشويه هذا المعلم السياحي في المدينة.

أكثر من شهر ومياه الصرف الصحي تتسرب إلى داخل حرم القلعة وتتجمع في باحة معبد فينوس بالقرب من مسجد الصاغة الأثري الملاصق للقلعة،روائح كريهة تستقبل الوافدين ومناظر غير لائقة وعيون المسؤولين في بلدية بعلبك لا ترى هذه الكارثة البيئية التي تحل برمز المدينة،وفي معلومات لموقع "لبنان الجديد" أن البلدية تقدمت بطلب لمديرية الآثار لمعالجة المشكلة التي أدت إلى فيضان مياه الصرف الصحي غير أن المديرية رفضت الطلب ولم تقم البلدية بمبادرة شخصية منها بحل المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم،صحيح أن المديرية هي المسؤولة عن القلعة ولكن على عاتق البلدية مسؤولية محلية تبدأ من البنى التحتية كالصرف الصحي الذي قامت بمد شبكة له داخل القلعة وبالسواقي الرومانية القديمة وعند المدخل الرئيسي من دون دراسة موضوعية تبحث في النتائج المترتبة عن ذلك.

قضية تفتح الباب أمام مسؤوليات على بلدية بعلبك تحملها تجاه القلعة التي تتغنى بها أمام المدن الأخرى وتعجز عن حمايتها وصيانتها والإهتمام بها،وهو ما نحن بأمس الحاجة إليه خصوصاً بعد نقل مهرجاناتها الدولية لسنتين متتاليتين إلى خارج المدينة بسبب الأوضاع الأمنية،هذه المهرجانات التي تعود بمردود جيد على المدينة وأهلها وتنعش إقتصادها،ومسؤوليات تقع على عاتق وزارة السياحة ومديرية الآثار في الحفاظ على هذا التراث العظيم وخصوصاً في ظل ما يجري في المنطقة حولنا من تدمير منظم وممنهج للآثار في عدد من المدن العربية على أيدي تنظيم داعش،وكأن هذا الإهمال المقصود يستدعي داعش بطريقة غير مباشرة لتدمير القلعة لأنها أصبحت عبئاً على القيمين ولم يبقى هناك من بمقدوره الإهتمام بها.