لعل حادثة برجا خير شاهد على ثقافة العصا في مجتمعنا فبعد العنف والتكسير ثارت الثائرة على قرار الوزير ؟؟؟ وكأن ما حصل في المدرسة مبرر كون التلميذ مشاغب ، وما فعله بو صعب من تطبيق للقانون غير مبرر برأي الأهالي ... فهل يكون موقف الوزير انذاراً بوقف همجية العنف ؟؟؟ أو يصدر العفو بحق المدير في دولة مسيسة حتى بحقوق أطفالها !!!! ففي مجتمعنا اللبناني وفي مفاهيمنا التقليدية تنتشر العديد من التعابير المشجعة للعنف ، (اللحم الك والعضم النا / العصا لمن عصا / العصا من الجنة / الضرب بيفهم الي ما بيفهم ... وكلها تقع تحت مبررات ، مثل : ابننا شقي ، شاقق الأرض وطالع ، جيل بدو فلق ، المسطرة بتعلم ، بيستاهل .... مبررات سمحت للعنف أن يتفاقم بين لا وعي الأهل و لا وعي المدارس و لا وعي المجتمع المدني الذي لم يقم بتحرك فعلي لمنع هذه الظاهرة المرفوضة . حادثة برجا ، أظهرت حقيقة المجتمع المبني على إرتضاء التعنيف حيث نظمت المظاهرات

والإعتصامات وقام أهالي المنطقة بقطع الطرق ، للمطالبة بتبييض صفحة المدير مع اعتبار قرار الوزير تعسفي ، ولكن الذي يلفت النظر بهذه الاعتصامات هو تنمية العنف عند الأطفال اذ أحد التلميذات لم تتوانى عن القول أمام الإعلام ( عدنان صار يتزعرن بالصف بيستاهل ) ، في حين تقول أحد الامهات ( بيه ضاربه وراميها على المدير ) ... ببساطة الكل يريد المدير ، والتلميذ ( بيستاهل ) .

فالأزمة ليست أزمة " برجا " تكاد لا توجد في لبنان مدرسة لا تمارس العنف ، ولكن مع الصمت والاستحباب والتغطية المناطقية (ما راحت غير عالتلميذ ) . من المسؤول ؟؟! بالدرجة الأولى تقع المسؤولية على عاتق الأهل والمجتمع فالعنف يبدأ من البيت ليتابع في المدارس ، فالمدرسة لا تتمكن

من تخطي رغبة الأهل ولكن في ظل الصمت بل والقبول والتشجيع على هذه الوسيلة اللاحضارية أصبحت المسطرة تتلو المسطرة لنصل لعاهات تصيب الأطفال ؟

وفي حوار مع (ن) وهي متطوعة في جمعية " الرؤية العالمية" قالت أنّ للأهل دور مهم في حماية أطفالهم من كل أنواع العنف لذلك لا بد أولاً من توعية الأهل من قبل خبراء متخصصين ، لينعكس هذا الوعي بالتالي على أسلوب التربية وبالتالي على الأطفال .

أما بالنسبة للمدارس فقد قالت أن المدارس غير جاهلة بالقوانين وأن العنف يمارس في بمساعدة الأهل الذي يمنحون المدرسة الصلاحية لضرب أبنائهم . لذا لا بد أيضاً من توعية المدارس بعدم استعمال العنف الجسدي (الضرب) وكذلك العنف اللفظي ، إذ يجب على المربين

والمربيات أن يعوا لألفاظهم حتى لا تتسبب بإساءة نفسية للطفل .

وعن دور الجمعيات قالت المتطوعة أن للجمعيات المهتمة بشؤون الطفل دور مهم ورائد يتبلور من خلال مسرحيات / إجتماعات دورية للأهل / إرشاد المدارس إلى الاقتناع بأن هناك سبل أخرى غير العنف وتدريبهم عليها . وفي حوار مع بعض الأهالي حول الموقف من التعنيف قالت غنوة انها لا تقبل أبداً أن تتعرض ابنتها للضرب ، وأنه في إحدى المرات قامت معلمة بتعنيف ابنتها فتوجهت لإدارة المدرسة لتقديم شكوى غير أن الإدارة نفت الأمر وحاولت التغطية على المعلمة في البداية ولكن مع إصرار ابنتها تم التأكيد على عدم تكرار هذا الأمر توجيه إنذار للمعلمة .... أما ديانا فأخبرتنا أيضاً أنها مرت بهكذا موقف

حيث تعرض ابنها لضرب في مدرسته فتوجهت إليهم وأخبرتهم أنها لا تقبل نهائياً بهذا الأسلوب ولو كان ابنها مخطئ هناك اساليب حضارية غير العنف وأضافت انه يجب على المدرسة الرجوع للأهل عند تقصير الطالب أو خلقه فوضى قبل اتخاذ أي قرار بشأنه ... في مقابل هذه الآراء نرى آراء مناقضة إذ لا يجد عمار مشكلة في الموضوع (ابني بيستاهل كم مسطرة ليتعلم ) هكذا أجابنا ، لتضيف رولا لكلامه ( الضرب ما بيموت المهم يتعلم ) .