ما يقارب العشرة أشهر والقصر الجمهوري في بعبدا لا زال خاليا من الرئيس. وعشرون جلسة للمجلس النيابي لم تكن كافية لتمكين النواب من انتخاب رئيس لجمهوريتهم الخاوية على عروشها. والسبب لم يعد خافيا وهو إصرار حزب الله على تعطيل هذا الاستحقاق من خلال تمسكه بحليفه رئيس تكتل التغيير والإصلاح على قاعدة ( عون او لا أحد ) فيما الأطراف السياسية الأخرى تقف مكتوفة الأيدي عاجزة عن الأقدام عن فعل أي شئ يمكن أن يساهم في إنجاز هذا الاستحقاق وإنهاء الشغور الرئاسي معتبرة أنها قد أدت قسطها للعلى بانتظار الفرج الذي قد يأتي من الخارج وما يمكن ان تتمخض عنه المفاوضات النووية بين ايران والولايات المتحدة الأميركية نهاية آذار الحالي. ومع
الموعد الجديد الذي ضربه الرئيس نبيه بري في الثانى من شهر نيسان المقبل للنواب للتوجه إلى ساحة النجمة لتأمين النصاب لانتخاب الرئيس. وهي جلسة قد لا تختلف عن الجلسات التي سبقتها إذا لم يهبط الوحي على البعض من الخارج. فيما الموقف الدولي يحث اللبنانيين وبالحاح لتحمل مسؤولياتهم بانتخاب رئيسا للجمهورية بأنفسهم وعدم الارتهان للإرادة الخارجية ألتي قد يطول انتظارها وسط مخاض معركة التسويات والصفقات الجارية على الصعيد الاقليمي والدولي. وقد يكون موقف السفير الأميركي ديفيد هيل عقب لقائه قبل عدة أيام وزير الداخلية نهاد المشنوق أبرز تعبير عن هذا الواقع الدولي اذ قال أنه ( حان الوقت لوضع استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية. ويجب إلا
يكون هناك اي توقعات لصفقات خارجية لإختيار رئيس للجمهورية وعلى زعماء لبنان احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم من تلقاء أنفسهم ). والبارز في كلام السفير الأميركي هو انتقاده حزب الله ( لانتهاكه سياسية النأي بالنفس ولاتخاذه قرارات الحرب والسلم بالنيابة عن كل لبنان فلا يشاور أحدا ولا يخضع لمساءلة أي لبناني ويرتبط بقوى خارجية ). ويبدو واضحا ان كلام هيل تضمن أمرين مهمين. الأول دعوة اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار أي صفقة خارجية وإلى احترام دستورهم. والثاني. قوله أنتم لستم وحدكم ويمكنكم الاعتماد على الدعم المستمر والجدي من الولايات المتحدة الأميركية لضمان أن الجيش اللبناني لديه وسائل للقتال. وذلك في إشارة تذكيرية
مهمة إلى أن لبنان ليس متروكا للقوى الاقليمية ألتي تقول بالسيطرة عليه. والمقصود هنا إيران ألتي تحاول الهيمنة على البلد من خلال حزب الله الذي ينفذ أجندة ايرانية. لا شك ان النبرة العاليه في كلام السفير الأميركي تصب في إطار استعادة بعض التوازن المفقود حيال تمدد النفوذ الإيراني في لبنان والذي بات يشكل خطرا على ميزان القوى المائل حاليا لمصلحة حزب الله على حساب قوى الرابع عشر من آذار المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الغربي بشكل عام. أن أحدا لا يستطيع أن ينكر تأثير الموقف الاقليمي الفاعل على الساحة الداخلية. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن على اللبنانيين إسقاط أوراق القوة ألتي يمتلكونها والتي تشكل المقومات الأساسية لصمود
الشعب اللبناني وبالتالي لا يبرر للقيادات اللبنانية التلطي خلف مسؤولية المجتمع الدولي في تعطيل استحقاق رئاسة الجمهورية متنصلة بذلك من مسؤولياتها الوطنية في هذا الشأن حيث ترمي الكرة تارة في ملعب الاتفاق الإيراني الأميركي وأخرى في الملعب الإيراني السعودي..