ميشال عون لن يكون رئيساً. ليس لأنّ سمير جعجع لا يريده أن يكون رئيساً، ولا لأن سعد الحريري لا يستطيع انتخابه من دون موافقة جعجع. 

عون لن يكون رئيساً، لأن "حزب الله" لا يريده أن يكون كذلك. هذا ببساطة ما رشح من المقابلة التي أجراها الجنرال مؤخّراً مع جريدة "الأخبار". حديث الجنرال لـ"الأخبار" كان فارغاً إلا من هذه الحقيقة.

كان واضحاً أن رغبة الجنرال في طمأنة "حزب الله" عارمة. لا بل أن الرجل كرّس كل الحديث في سبيل ذلك. قال إنّه جزء من محور المقاومة، وكرّر ذلك مرات ومرات، وقال إنه اختار "الشرق" وجهةً، وكرر أيضاً أن من يقاتل خارج أرضه "قبضاي"، معطياً للحزب "صكّ براءة مسيحياً" على خطيئته السورية، ومتراجعاً عن تحفّظ خجول كان ألمح إليه في الماضي على قتال "حزب الله" هناك، لا بل إنّ اختياره "الأخبار" لتوجيه هذه الرسائل حمل من الدلالات ما يدفع بهذه الوجهة.

لم يُبدِ عون تحفّظاً واحداً على أداء الحزب، بدءاً بلبنان وصولاً إلى اليمن ومروراً بسوريا والعراق. الجنرال موافق على كل شيء يأتي به الحزب، وهذا ما لا يقوى عليه الشيخ نعيم قاسم نفسه، الذي ربما راودته تحفّظات على بعض المهمات الإقليمية المُرهقة الموكلة للحزب!

تُرى ما الذي أشعر الجنرال بضرورة طمأنة الحزب؟ فالرجل ساعٍ إلى الرئاسة بكل ما أوتي من عزم، وبما أنّ من هذه حاله في لبنان عليه أن يسعى إلى طمأنة الخصوم لا الحلفاء، لا سيما أن المحنة اللبنانية لا يمكن أن تُنتج رئيساً غير توافقي، فإنّ شعور الجنرال بأن "التوافق" مع الحزب لم يُنجَز بعد، وأن عليه أن يُطمئن من هم غير مطمئنين، هو ما دفعه إلى قول ما قاله لـ"الأخبار".

من المفترض أن مرشح "حزب الله" هو الجنرال ميشال عون، لا سيما بعد أن غرّد محمود قماطي في الرابية: "ما منترك عون وما منرضى بدالو"! ... إذاً كان من المنطقي أن يُخصص عون مقابلة صحافية لمخاطبة من يُغردون بـ"ما منرضى بعون"، وليس لمن هم مُخلصون لإعلانهم أن عون مرشحهم. فالجنرال يعرف أن "حزب الله" ليس الناخب الوحيد حتى لو انتصرت ايران على كل المحاور التي تُقاتل عليها، وأن أكلاف مبايعته "حزب الله" في السراء والضراء كبيرة في ظل حاجته الى خصوم الحزب في سعيه للرئاسة. لكنه قرر عكس ذلك، وهذا إما غباء أو شعور بأن الحزب غير مقتنع وغير مطمئن لخيار ترئيس حليفه.

لم يُخاطب ميشال عون في مقابلته مع "الأخبار" سوى "حزب الله"، أي الحزب الذي أعلن أن الجنرال مرشّحه الوحيد! لم يكترث للحساسية التي يمكن أن يُثيرها تأييده قتال الحزب في سوريا لدى "تيار المستقبل"، ولم يُبادر بعبارة واحدة لطمأنة سمير جعجع. أليس هذا غريباً؟ أن يسعى إلى طمأنة من هم من المفترض أنهم مطمئنون إليه، وأن يُهمل غير المطمئنين؟ لا بل أن يضاعف من قلقهم ومخاوفهم!

الاستنتاج الوحيد الذي يُمكن أن يخرج به المرء بعد قراءة المقالبلة، هو أن عون يشعر بأن "حزب الله" غير مقتنع به رئيساً، وأن عليه أن يؤدي مزيداً من فروض الولاء.