لا الإنتخابات الإسرائيلية في 17 الجاري، ولا الإتفاق، إن حصل، بين الغرب وإيران حول برنامجها النووي في الأسبوع الذي يليه، ولا القمة العربية المرتقبة في شرم الشيخ في 28 و29 هذا الشهر، ستغيّر كثيراً في المشهد الإقليمي المعقّد والصاخب.
لم تتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والعرب منذ العام 1973، كما هي متوترة اليوم. تنعدم الثقة بين الجانبين أكثر فأكثر يوماً بعد يوم. لم تنجح زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تهدئة غضب المملكة العربية السعودية، ولم تنفع وعوده وكلامه المعسول في تبديد القلق من ترك إيران تزداد اندفاعاً وهجوماً في مساحات عربية عدّة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي توسّع سيطرتها ونفوذها من مضيق هرمز إلى باب المندب والبحر الأبيض المتوسط، مِن دون أن يفعل الأميركيون شيئاً.
باتت السيطرة الإيرانية على المنطقة أكثر خطراً من امتلاك "النووي"، بالنسبة إلى الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة. فالسلاح النووي لا يمكن استعماله ببساطة وكل يوم، كما أن هناك ضوابط صارمة تتعلق بالأمن العالمي ولا يسهل تخطّيها.
ولكن قلب موازين القوى ولو تقليدياً بشكل دراماتيكي لمصلحة طهران، يُشكّل تهديداً حقيقياً لحلفاء واشنطن، في أمنهم ومصالحهم الإستراتيجية، وهذا ما لا يُمكنهم تقبّله أو تجاهله أو عدم مواجهته.
لم يُصدّق مَن التقاهم كيري إصراره على أن الأميركيين فوجئوا بالهجوم على تكريت، ولم يُرضِهم ولم يكفهم تأكيده أن سلاح الجو الأميركي لا يُقدّم في هذه المعركة أيّ دعم للقوات العراقية والميليشيات المدعومة من طهران، وعلى رأسها قائد "منظمة بدر" هادي الأميري. سمع كيري كلاماً كبيراً يُعبّر عن استياء أكبر من إنكفاء واشنطن عن أي فعل يحدّ من التوسّع الإيراني المُتزايد ميدانياً.
وتتقاطع مخاوف عربية مع تحذيرات داخلية أميركية مِن أن الولايات المتحدة ستصبح الذراع الجوية للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والبشمركة الكردية، في حرب أهلية مذهبية في العراق، إذا استمر هذا المنحى.
ويشكو العرب مِن أن الأميركيّين يُنظمون ويُدرّبون 12 لواء مقاتلاً في الجيش العراقي تسيطر عليها قيادات شيعية، غير أن الموفد الخاص للرئيس باراك أوباما الى التحالف العالمي لمحاربة "داعش" الجنرال المتقاعد جون ألن يعتبر أن السيطرة الشيعية على الألوية التي يُدرّبها الأميركيّون، سببها أن كثيراً من أبناء الطائفة السنّية إما غادروا المناطق السنّية، أو يعيشون تحت سيطرة "داعش".
من هنا جاء تحذير رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي امس من احتمال تفكك الائتلاف الدولي ضد التنظيمات الجهادية في حال لم تقم الحكومة العراقية بتسوية الخلافات الطائفية في البلاد.
منذ ستة أشهر، شنّ التحالف أكثر من 2600 غارة جوية على أهداف تابعة لـ"داعش" في العراق وسوريا، وأطلق أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ وقنبلة موجهة بالليزر عبر الأقمار الصناعية، والعرب يُشاركون الولايات المتحدة والغرب في هذا التحالف، ولكن إيران وحدها تقطف حتى الآن، ثمار هذه الحرب التي لا تبدو نهايتها قريبة.
(- جورج سولاج)