قد يكون مفهوما تمسك حزب الله بحليفه العماد ميشال عون وإصراره على ترشيحه لرئاسة الجمهورية. ولكن ما ليس مفهوما عدم استخدام الحزب أوراق قوته لايصاله إلى قصر بعبدا. فعدد نواب الكتل النيابية التي تدور في فلك الثامن من آذار يصل تعدادها إلى نصف عدد النواب في المجلس النيابي مضافا إليها نواب كتلة الحليف المرحلي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط التي تشكل الأصوات الوازنة في الانتخابات فتصبح أكثر من كافية لترجيح كفة العماد عون في التصويت داخل مجلس النواب وبذلك يتم انتخابه رئيسا للجمهورية وينتهي البلد من مساوئ ومآسي الفراغ الرئاسي الذي قارب استمراره العشرة أشهر.
فالعلاقة التي تربط حزب الله بالحزب التقدمي الاشتراكي والاحترام المتبادل بينهما تعطي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من قوة التأثير ما يمكنه من الطلب من النائب وليد جنبلاط ولو (بالمونة ) تجيير أصوات كتلته لصالح عون وبذلك يكون حزب الله استخدم إحدى أوراق قوته السياسية على الساحة الداخلية وحسم الجدل الدائر بين كافة الأطراف اللبنانية حول الانتخابات الرئاسية لمصلحة مرشحه وأثبت انه يجيد فن اللعبه الديمقراطية وأنه بريء مما ينسب إليه من اتهامات تقود إلى تحميله مسؤولية تعطيل عمل المؤسسات وإضعاف دور الدولة الشرعية لمصلحة دويلته ومصادرة القرار الداخلي لمصلحة قراره المرتبط اقليميا بالمشروع الإيراني التوسعي. فحزب ألله في الشكل وفي العلن وفي أكثر من مناسبة يؤكد إصراره على ترشيح العماد عون وهذا الإصرار هو نفسه الذي يحرق آخر مراكب عون التي يمكن أن تحمله إلى قصر بعبدا إذ ينفي عنه صفة المرشح التوافقي ويحشره في خانة فريق حلفائه الثامن من آذار.
أما في المضمون وفي الكواليس جريدة فإنه يجهد لعدم تمكين عون من الوصول إلى كرسي الرئاسة لعدة أسباب.
أولا ان إحدى أهداف حزب الله الداخلية والتي يعمل على تحقيقها هي إضعاف مؤسسات الدولة وبالتالي إلغائها لمصلحة دويلته لهذا فهو ليس متحمسا لإنهاء الشغور الرئاسي بعد أن تمكن من تعطيل عمل المجلس النيابي وتعطيل عمل الحكومة. فحزب ألله ليس فقط لا يدعم عون في الوصول إلى كرسي الرئاسة بل انه يضع العراقيل أمام إجراء الإنتخابات الرئاسية.
ثانيا ان العماد عون خارج القصر الجمهورى هو أكثر طواعية لحزب الله منه داخل القصر.
ثالثا لا يمكن الركون إلى حليف متقلب المزاج كالعماد عون إذا ما استطاع هذا الأخير من امتلاك الحق في التحكم بقرارات مصيرية لها علاقة بالجانب العسكري والجانب الأمني بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة.
لا شك أن حزب الله يضع البلد أمام أحد خيارين احلاهما مر. اما رئيس من صناعته بحيث يدخل البلد ضمن محور الممانعة ويتحالف مع النظام السوري وأما الفراغ الرئاسي. وفي مرحلة الفراغ اخترع هيصة الحوار تقطيعا للوقت الضائع بانتظار ما ستؤول إليه بعض الملفات الإقليمية التي يجرى ترتيبها في المنطقة على ضوء المفاوضات النووية بين ايران والدول الغربية.