كثيرة هي الأسباب التي تجعل الشاب في الجنوب غير راغب في التعلم ففضلا عن أسباب شخصية هناك أسباب نفسية وأخرى تعود للأسرة أو للمدرسة مما يعني أن الأسباب التي تتعلق بالعوامل الخارجية هي أساس التأثير ويبدو أن شباب جنوب لبنان أكثر تأثيرا من غيرهم، حيث اعتبر عدد من المعلمين في مدارس الجنوب خلال لقاء مع " لبنان الجديد"أن "الكثير من الشباب يعيشون حالة لا مبالاة للمدرسة متناسين أهميتها لأجل الإلتحاق بمنظمات حزبية " وخير دليل على حقيقة قولهم القول الشعبي المتداول في الجنوب:"الولد إبن بيئتو" ففي جنوب لبنان ليس كما غيره من المناطق حيث التعددية الحزابة وانما هناك تنظيم سياسي وعسكري ذات نفوذ مادي أكثر سيطرة من غيره ألا وهو "حزب الله" الذي يقوم هذا الحزب على أفكار عقائدية ويتدثر بقضية المقاومة ومقاتلة إسرائيل ويتيح فرصة مقدسة لنيل الشهادة في سيبل الله والفوز بالجنة ، وقبل ذلك فسح المجال لتأمين متطلبات الحياة من خلال رواتب مرتفعة نسبيا وتأمين الطبابة
وتعليم الأولاد وغيرها من التقديمات المغرية فاستطاع بهذا الفكر جذب الكثير من الشبان من خلال اعتماده على حجج الدفاع عن المقدسات الدينية والوطن مستخدما بذلك الجانب العاطفي والطائفي وكما يقولون في الجنوب" لعب على الوتر الحساس" ما دفع بالكثير منهم إلى الإستغناء عن دراستهم لأجل خدمة قضية هذا الحزب بشكل أكثر وفاء. وفي ظل انعدام فرص العمل في الجنوب وتأمين الحزب حياة "كريمة " لمن يدخل تحت جناحه، وجد هؤلاء ملاذهم فاستبدلوا سلوك طريق وعرة للوصول لأهدافهم وتكبد عناء الدراسة لعدة سنوات ثم البحث عن عمل والإنتظار لسنوات أخرى من أجل تكوين أسرة اختصروا مشوارا طويلا في حياتهم وانخرطوا في خط الحزب باعتبار أنه يؤمن لهم كل احتياجاتهم
من منزل ومعاش شهري وضمان كضمان الدولة مقابل ذهاب الشاب الجنوبي إلى دورات تدريبية وإلى القتال لجانبه . وما أكثر ما يفاجىء في الجنوب إن سألت شابا لماذا خرجت من المدرسة؟ فالإجابة تكون "شو فيها هالدنيي لإدرس وإتعب المهم فوت عالجنّي، كلو رايح" وتتراوح أعمار المتسربين من المدارس لأجل الإلتحاق بهذا التنظيم بين الـ ( 16 و21) وتراهم يعولون آمالهم على الشهادة. فلربما استطاع الحزب جذب الكثير من الشبان من خلال نقره على الوتر الطائفي لكن يبدو أن أكثر الشبان في الجنوب لجأت إليه من أجل تأمين حياة افضل ربما لأهله وربما لنفسه وخير دليل على ذلك ما قاله حسين:" كنت إحلم أنا وصغير صير مهندس بس هلأ بضحك عحالي لو كفيت بالمدرسي كنت يا بعدني عم بدرس أو عم دور عشغل بس الحمدالله طلعت وأمنت حالي وتزوجت وهلأ عندي حلم واحد هوي إني روح عسوريا" فشباب الجنوب اليوم بين مسارين، اما الاغتراب والسفر من اجل العمل الى بلاد بعيدة، واما الاغتراب والسفر من اجل العمل الى سوريا .