كشفت الدراسة التي يشرف عليها الباحث الدكتور ساري حنفي حول الخطاب الديني في لبنان ان "لا نموذج معيناً او مفهوماً خاصاً للخطيب. وثمة اختلافات كبيرة بين مختلف الجماعات الاسلاميةفي اعداد الخطباء ، وان الخطباء لا يتفقون بالضرورة على بعض المفاهيم الرئيسية، ويصبحون مسيسين على نحو متزايد. وبينما يتبين ان نصف الخطباء الذين تم اللقاء بهم قد تخرجوا من مدارس وجامعات دينية، ونادرون هم من يستخدمون المعرفة في العلوم الاجتماعية وأدواتها، بغية تحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية وتشخيصها. وهذا الامر يؤكد اكثر اهمية درس معارف الخطباء وكفاءاتهم وممارساتهم في المؤسسات الدينية".
كما اشارت الدراسة الى سهولة تأثر المؤمنين بهؤلاء الخطباء التقليديين او ذوي الكاريزما"، وفي النقاط التي تناولتها ايضا الدارسة، تحوُّل بعض الشباب السنّة بسهولة من أنصار لقيم العدالة الانسانية العالمية الى دعم المنظمات والجماعات التي تنتهك القيم الاسلامية، كتنظيم "الدولة الاسلامية" والجماعات المتطرفة الارهابية التي تقصي الآخرين لكونهم كفارا، وتدعو الى فرض قوانين تجاوزها الزمن من الحكم الاسلامي الاول".
ويقول الدكتور ساري حنفي حول الدراسة في حوار صحافي معه ان"هناك نوع من خط مستمر يمتد من بناء مفهوم الآخر العدو وطريقة التفكير التكفيري عند تنظيم "الدولة الاسلامية"،. وفي تحليل الخطب، تلاحظ ان "هناك احيانا ميلا واضحا وانزلاقات في بعض القضايا المطروحة، كتعزيز الطائفية والدعوة الى ارساء اسلوب حياة الحكم الاسلامي التاريخي وقوانينه. وهذا الامر لا يتعلق بالسنّة فحسب، انما ايضا بالشيعة".
ورغم سوداوية المشهد "الداعشي"، يعتقد حنفي ان "الاصلاح الديني ممكن. ولم يفت الاوان. ويمكن تحصين الناس ضد الفكر القمعي المنتشر في اشكال المتطرفين وغيرهم. لهذا، كباحث اجتماعي، أقرع ناقوس الخطر". وفي تقويمه، ان تحوّل بعض الناس الى "داعش" "ليس واسعا. لقد كانت لهؤلاء تنشئة طويلة الامد على عدم احترام الآخر والاحكام القطعية.
وهنا تكمن اهمية الجوامع. لا اقول ان كل الجوامع في لبنان تقوم بهذا الامر، لكن بعضها، وبطريقة غير مباشرة يقومون بذلك". هذه الدراسة تكشف خطورة الخطاب الديني في لبنان وما يولده من نتائج خطيرة والامر لا يتعلق بلبنان بل بكل العالم العربي والاسلامي وصولا لاماكن انتشار المسلمين في العالم، واضافة لخطب المساجد يمكن اضافة قراء العزاء وما يقدمونه من خطب ومواقف في الحسينيات وبالاضافة الى كل ذلك بدأت مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات ووالوسائل الالكترونية تلعب دورا خطيرا في نشر الخطب الدينية وكل ذلك يضع المعنيين بالخطاب الديني امام مهمة مستعجلة ومسؤوليات كبيرة لمنع استخدام الخطاب الديني للتحريض على العنف والقتل وتحوله بدل ذلك الى خطاب يعمل لاقامة دولة المواطنة ويدعو لقبول الاخر والتعددية ، وكل ذلك يتطلب بحثا مفصلا ودراسات معمقة وكلام جريء من جميع المعنيين.