ثورة البحرين تكاد تكون الثورة الأولى في زمن الثورات العربية وفي زمن الربيع العربي، وسبق شعب البحرين شعوبا عربية كثيرة في الثورة والمطالبة بالإصلاح والحرية وتعود احتجاجات الشعب البحريني ضد نظام الحكم إلى العام 1922 وما زالت مستمرة حتى اليوم بنفس المطالب وشهدت البحرين منذ ذلك التاريخ انتفاضات شعبية عدة آخرها انتفاضة 14 شباط عام 2002 وما زالت هذه الانتفاضة مستمرة تحت مطالب الحرية والاصلاح والتغيير وإلغاء التمييز.
ثورة البحرين هي الثورة السلمية في العالم العربي حيث لم تقم هذه الثورة حتى اليوم بأي تحرك يقوم على السلاح أو التهديد الأمني والعسكري بل استطاعت هذه الثورة أن تحافظ على تحرك سلمي حضاري متقدم بالرغم من الحصار والمضايقات والإجراءات التعسفية التي تتعرض لها من قبل النظام . مطالب هذه الثورة هي نفسها مطالب كل الثورات العربية ومن أبرزها المطالبة بالاصلاحات السياسية وتعديل الدستور بما يتلاءم مع الديمقراطيات الحديثة والإفراج عن جميع النشطاء السياسيين وإلغاء التمييز الطائفي بين أبناء المجتمع البحريني.
ومنذ انتفاضة 14 شباط عام 2002 تستمر الاحتجاجات السلمية ويتعرض الشعب البحريني جراء هذه الاحتجاجات لاتهامات عدة من قبل النظام منها الارتباط بدول خارجية والقيام بأعمال إرهابية فيما لم تقم المعارضة حتى اليوم استخدام السلاح أو عمل تخريبي آخر بل حافظت على قدر عال من ضبط النفس والتحرك السلمي. إن أهم الوسائل التي استخدمت ضد ثورة البحرين هي السلاح الطائفي الذي استخدمه الإعلام التابع للنظام وبعض الاعلام العربي الآخر حيث جرى توصيفف هذه الثورة على أنها ثورة شيعية ضد النظام السني وتمت تعبئة كافة الإمكانات الاعلامية لتعميم هذه التهمة وتسويقها علما أن الإطلاع على مطالب هذه الثورة ينفي هذه التهمة بشكل كامل. وبالرغم من ذلك يتواصل الحراك الشعبي ولم تتوقف الثورة حتى الآن.
ويمكن القول ان ثورة البحرين هي الاطول عمرا، فلم يمر يوم واحد بدون خروج مسيرات واحتجاجات، والاكثر التزاما بالاساليب السلمية، والأقل خضوعا للتأثيرات الاقليمية، والأشد وعيا باساليب قوى الثورة المضادة. معطيات سياسية كثيرة تتحكم بمسار ثورة البحرين على وجه التحديد حيث تحدث هذه الثورة في أشد مناطق الشرق الاوسط حساسية وذلك بناء لوجهات نظر خبراء استراتيجيين في الشرق الاوسط وتعتبر هذه الثورة قريبة من منابع النفط في الجزيرة العربية وهنا تتداخل العوامل السياسية العربية والغربية وخصوصا العامل السعودي الذي يتواجد بقوة واستمرار على خط هذه الازمة . وكذلك يأتي العامل الإيراني ليضيف إلى هذه الأزمة تعقيدات أخرى من شأنها أن تؤثر سلبا على مطالب أبناء الثورة البحرينية وذلك لأسباب سياسية وطائفية عديدة . وبين البطش الدائم من قبل النظام والاعتبارات السياسية والطائفية التي تتحكم بمسار هذه الثورة سيبقى الشعب البحريني ضحية المشادات السياسية الايرانية الخليجية بالدرجة الاولى والطائفية بالدرجة الثانية والرهان على استمرار سلمية هذه الثورة وأن لا تنحدر الى مستويات العنف والقتل والدماء التي غرق بها الربيع العربي
كاظم عكر