العبث الايراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن إضافة الى الفوضى الليبية، وما يمكن ان تتعرض له مصر نتيجة تمددات داعش والقاعدة الى ليبيا وسيناء، وتجذرها في كل من سوريا والعراق وإعادة الحياة لها في اليمن مستغلة ردة الفعل غير الواعية من قبل مجتمعات هذه الدول على جرائم حكامها و التغوُّل الإيراني،
ومحاولة إيران السيطرة على هذه المجتمعات تحت يافطات طائفية تريد إحياء صراعاً مر عليه أكثر من ألف وأربعمائة عام.
كل هذه الأسباب لاتدع مجالاً لرفاهية الدخول في خلافات عربية عربية على قاعدة التناقضات الأيديولوجية أو التنافس على نفوذ يكاد يتحول بشكل كامل الى نفوذ غير عربي على امتداد المنطقة العربية.
إن محاولة صبغ الثورات العربية بصبغة دينية محضة كما سعى الإسلام السياسي منذ البداية، هو ما شجع التنظيمات المتطرفة على محاولة السيطرة على هذه الثورات و سهل عليها استبدال شعارات الحرية والديمقراطية ومطالب حرية الرأي والتعددية السياسية بشعارات الخلافة والدولة الإسلامية على الطريقة الداعشية، واستبدال علم الاستقلال السوري الذي كان رمزاً لسورية الحرة ، سوريا آباء الإستقلال، أولئك الرجال الذين بدأوا بناء دولة سوريا الحديثة على قاعدة الحداثة وتحت شعار الدين للله وسوريا للجميع منذ الاستقلال وحتى انقلاب البعث عام ١٩٦٣، استبدال ذلك بالأعلام السوداء وتكفير الآخر والدخول بمعارك مع الثوار أنفسهم، ارتكب فيها جرائم لا تقل خطورة عن الجرائم التي ارتكبها نظام الطاغية ضد ثوار سوريا منذ بدايتها.
ان المجتمعات العربية ودولها ودون استثناء تقع اليوم بين حجري رحى الحجر الأول هو التطرف القاعدي الداعشي والآخر هو الغزو الإيراني الرامي للسيطرة على المنطقة العربية والذي يعتمد أفكاراً طائفية مذهبية لا تقل خطورة وظلامية عن داعش وشبيهاتها. بينما هناك قوتان أخريان غير عربيتان، الأولى هي الجارة تركيا التي ورغم صداقتها للشعب السوري و استفبالها المشرف ومعاملتها الأخوية للاجئين السوريين إلا أن مصالحها القومية هي ما يحركها في الدرجة الأولى تجاه التغييرات التي تجري في المنطقة العربية، والقوة الأخرى وهي قوة لم ولن تضمر خيراً للشعوب العربية والإسلامية وهي تحاول استغلال المحرقة السورية لتدمير سوريا كتحدي حضاري محتمل لها، واستنزاف حزب الله ونظام الملالي في ايران مستغلة الايديولوجيا الطائفية القرووسطية التي توجههما لإغراقهما في الدماء السورية.
الغائب الأكبر هو محور عربي فاعل قادر على التعامل مع الأطماع القومية الإيراني التي تستغل الحامل الديني المذهبي، ومع الخبث الإسرائيلي الراغب في إحراق المنطقة وتفتيتها ومن المعلوم أن وجود تنظيمات ظلامية متطرفة كداعش والقاعدة تسهل عمل هاتين القوتين الإقليمييتين،( وليس صدفة أن داعش والقاعدة استهدفت الجميع بإجرامها ماعدا اسرائيل وإيران تحديداً).
إن المهمة الأساسية التي تقع على عاتق المعارضة الوطنية السورية والمثقفين العرب والمسلمين في المنطقة وعلى الحكومات العربية القادرة، هي التشجيع على انشاء هذا المحور العربي ليساهم مع دول الإقليم الصديقة والمجتمع الدولي في إيجاد حلول تحفظ حقوق هذه الدول ومجتمعاتها، وإلا فإن هذه الحلول ستكون على حساب هذه الدول ووحدة مجتمعاتها سواءً التي تتعرض الآن للتدمير أو التي لم يصلها الخطر بعد.
إن محوراً عربياً يضم المملكة العربية السعودية على رأس مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن إضافة الى القوى الوطنية الديمقراطية في دول الربيع العربي سيكون قادراً على
منع الكثير من الأذى عن هذه المجتمعات وسلامة أوطانها ودولها.
بقلم: وليد البني