يشكل تنظيم داعش وما يشبهه من تنظيمات اسلامية متطرفة مثل بوكو حرام احد اهم التحديات التي تواجه الاسلام والمسلمين في هذه المرحلة، وخطورة هذا التحدي انه تحدي داخلي وليس تحديا خارجيا، لانه من المعروف ان اي شعب او بلد ينجح في توحيد صفوفه عندما يتعرض لتحدي خارجي كالاحتلال او العدوان. لكن عند بروز تحدي داخلي تنقسم الاراء والمواقف حول كيفية المواجهة، وخطورة تنظيم داعش انه يستند على خلفية اسلامية ويقوم بجرائمه من خلال الاستناد الى ايات قرأنية واحاديث نبوية وفتاوى اسلامية بغض النظر عن صحة الاستناد الى هذه الايات والاحاديث والفتاوى وصحة تطبيقها. ورغم الحملات العسكرية ضد هذا التنظيم في العراق وسوريا وليبيا فالملاحظ ان دور التنظيم يتزايد ويكبر وهو يقوم مستمر بتنفيذ المزيد من الجرائم بحق البشر والحجر وكل ما يمت الى الحضارة العربية والاسلامية.
فهل يمكن هزيمة هذا التنظيم ؟ وكيف يمكن ان تنجح الحملات التي تعمل لمواجهته وانهاء دوره؟
وقبل الاجابة على هذين السؤالين لا بد من الاشارة الى انه ليست المرة الاولى التي يواجه العالم العربي والاسلامي مثل هذا التحدي، فمنذ وفاة الرسول محمد(ص) والمسلمون يواجهون مختلف التحديات الداخلية والخارجية وبرزت عشرات الفرق التكفيرية والمتشددة ، كما تعرض العالم الاسلامي لعشرات الحروب الكبرى التي عملت لتدمير العالم الاسلامي وانهاء الاسلام كدين وحضارة وثقافة، لكن مع ذلك فالاسلام مستمر وهو ينتشر والعالم الاسلامي رغم كل مشاكله لا يزال احد اهم القوى الحضارية والسياسية في العالم. ولذا فان الانتصار على تنظيم داعش وبوكو حرام ليس مستحيلا او صعبا ، لكن المهم اتباع الوسائل الصحيحة في هذه المعركة الخطيرة لان هذين التنظيمين يستخدمان سلاح الاسلام في معاركهما بغض النظر عن صحة المقولات التي يتبنياها.
ولذلك فان المواجهة لا يمكن ان تتم الا من داخل الاسلام ومن خلال مشروع مضاد يحمل افكارا مضادة لما يطرحه تنظيم داعش واخواته، فلا يمكن مواجهة التطرف بالظلم والاستبداد والجهل والغلو والعصبية ، بل المطلوب البحث عن خيارات اخرى عبر اقامة الدولة المدنية والديمقراطية ورفض التطرف والتعصب والغلو والقبول بالتنوع واحقاق الحق وتعميم المشاركة السياسية وعدم الاستئثار بالسلطة. فلا يمكن مواجهة داعش بثقافة داعشية او ممارسة داعشية مضادة، وان المواجهات العسكرية والامنية القائمة اليوم لن تنهي داعش الا اذا توفر النموذج البديل الذي يقدم الامان والسلام لكل الناس ويحقق الديمقراطية ويحافظ على حقوق الانسان. مواجهة داعش لا تكون فقط باستنكار ما يقوم به بل من خلال تقديم الخيار المضاد القائم على حرية الاختيار والايمان الحر واعادة النظر بكل المقولات التي كانت سائدة في القرون الماضية والتي مهدت لبروز داعش واخواته.