يعتبر الكثيرون من المسلمين وغير المسلمين أن ما يقوم به تنظيم الدولة من قتل وسبيّ هو غريب عن الاسلام ويصفون الحركات الاسلامية الجهادية أيّ التنظيمات التي تم تؤمن بالعنف وتمارسه كوسيلة للوصول الى السلطة أو كوسيل هجوم ضدّ الأجنبي بأنها تيّارات ناتئة ودخيلة على الاسلام وعن التجربة الاسلامية باعتبار أن الاسلام دين السماحة والرأفة والرحمة ولا مكان فيه للعنف الذي يمارسه هؤلاء المتلبسون بلباس الدين . طبعاً ثمّة مغالطات كبيرة يرتكبها هؤلاء الذين يسقطون اعتقاداتهم الخاصة على التجربة الاسلامية وعلى التاريخ الاسلامي ويتحدثون عن اسلام وهمي غير موجود في المصنفات الفقهية الاسلامية وفي كتب السيرة وفي النصّ الديني الذي يتمتع بحيّز كبير من مساحة السيف ودوره في الجهاد ضدّ الكفار والبغاة والمرتدين وغيرهم .
ما لدين الآن كمسلمين هو مذاهب مختزلة للفهم الديني ويسيطر على هذه المذاهب المدارس الفقهية وهذه المدارس هي الناظمة للعلاقات المسلمين ببعضهم البعض وبعلاقاتهم مع الآخرين وبعلاقاتهم مع ربهم لذلك يتبع المسلمون فقه الفقهاء لا وجهات نظر زيد أو عمر من المسلمين فالفقه الاسلامي هو " النبيّ " الذي لا يموت والهادي لهم للوصول الى نعيم الدنيا ونيل الآخرة . من هنا ما يمارسه تنظيم الدولة الاسلامية من ذبح يستند الى أحكام فقهية اسلامية لا أجنبية وكذلك حال الاسلاميين المؤمنين بالعنف كهوية جهادية تقربهم الى الله وتوصلهم الى الجنة واذا ما أخذنا الشيخ ابن تيمية كنموذج لدور الفقه في ما يمارسه تنظيم الدولة " داعش " وآخرين من سنخه يتبين لنا من خلال فتاوى أصحاب المذاهب ان هذه ممارسة مطابقة لأقوال الفقهاء ومنها : أن من جوّز اتباع غير الاسلام فانه كافر ويجب جهاد الكفار واستنفاد ما بأيديهم من بلاد المسلمين وأسراهم واذا قُدر على كافر حربي فنطق بالشهادتين وجُب الكف عنه بخلاف الخارجين عن الشريعة كالمرتدين الذين قاتلهم أبو بكر رضيّ الله عنه أو الخوارج الذين قاتلهم علي كالخُزمية والتتار وأمثال هذه الطوائف ممن نطق بالشهادتين ولا يلتزم شرائع الاسلام .
ويُضيف ابن تيمية : أما الكافر الحربي فاذا نطق بالشهادتين كُفّ عنه القتل ثمّ ان لم يصلّ فانه يُستتاب فان صلى والاّ قتله الامام وهذا عند مالك والشافعي وعند أبي حنيفة يعاقبه بدون القتل . وجاء في مختصر فتاوى ابن تيمية .. وأمّا اذا كان في طائفة ممتنعين عن الصلاة ونحوها فهؤلاء يُقاتلون كقتال المرتدين والخوارج ومن قدر عليه قتله فيجب الفرق بين المقدور عليه وبين قتال الطائفة الممتنعة التي تحتاج الى قتال ويذكر ابن تيمية بأن الرق الشرعي سببه الكفر لمّا لم يُسلم ويعبد الله أباح الله للمسلم أن يستعبده .
في موضوع الكنيسة يذكر ابن تيمية أنه رويّ عن النبيّ (ص) أنه قال : لا تجتمع قبلتان بأرض . ولا جزية على مسلم " رواه أبو داود ولهذا أقرهم المسلمون في أول الفتح على ما بأيديهم من الكنائس التي فتحت عنوة كأرض مصر والشام فلما كثر المسلمون وبنيت المساجد في تلك الأرض أخذ المسلمون تلك الكنائس فاقطعوها وبنوها مساجد أو غير ذلك لأن الكنائس العنوة ملك المسلمين فاقروا ما لم يكن فيه ضرر على المسلمين كاقرارهم على خيبر ثمّ أمر النبيّ (ص) باجلائهم فأجلاهم عمر رضيّ الله عنه لما كثر المسلمون واستغنوا عنهم وصار عليهم منهم ضرر وقال عمر وغيره من السلف : "لا يجتمع بيت رحمة وبيت عذاب " أيّ المساجد بيوت الرحمة والكنيسة بيت العذاب وقد هدم المسلمون بأرض الشام والعراق وغيرها من الكنائس ما لا يعلمه الا الله ولا يجوز تجديد الكنيسة باتفاق المسلمين وعلى وليّ الأمر أن يهدم ما عمروه من ذلك واذا كانت قديمة ثمّ تضرر المسلمون بتلك الكنيسة وجُب هدم الكنيسة في أصح قولي للعلماء وهو مذهب أحمد .
ويضيف ابن تيمية كما جاء في كتاب الدرر المضيئة – الفتاوى المصرية – " المسمىّ" "مختصر فتاوى ابن تيمية " تصنيف العلامة الشيخ بدر الدين آبي عبد الله محمّد بن علي بن محمّد ابن اسباسلار البعلي الحنبلي المتوفي سنة 777ه والذي شرحه وراجعه مكتب الدراسات والبحوث العربية والاسلامية باشراف الشيخ ابراهيم محمد رمضان والصادر عن دار القلم بيروت – لبنان : والمدينة والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها . وفي مسألة الحرق بالنار يذكر ابن تيمية الحادثة التالية : ولما حدثت بدع الشيعة في خلافة عليّ رضي الله عنه وكانت ثلاث طوائف : غالية وسبئية ومفضلة فحرق عليّ الغالية لما خرج اليهم من باب كندة فسجدوا له فقال ما هذا ؟
فالوا أنت هو الله فخدّ الأخاديد وأضرم فيها النار ثم قذفهم فيها .
وأما السبئية : فلما بلغ أن ابن سبأ يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما طلبه ليقتله فهرب الى قرقيسيا . وأما المفضلة : فقال : لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر الا وجلدته حدّ المُفتري .