الكلام عن ارتباط ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان بالمفاوضات الجارية بين إيران والدول الغربية 1+5 حول الملف النووى الإيراني قد يكون فيه الكثير من المبالغة والتبسيط للأمور.
فالفريق الذي يبالغ في ربط انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بالمفاوضات النووية فإنه يحاول التغطية على الهدف الحقيقي لتعطيل جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس وحجب الحقيقة الكامنة وراء الإصرار على استمرار الفراغ الرئاسي.
فازمة استمرار الشغور الرئاسي ليست على خلفية من يكون الرئيس العتيد طالما ان كل الأطراف السياسية المتنازعة تخضع . على الأقل من خلال التصريحات العلنية. لمنطق الرئيس التوافقي. إنما المشكلة الحقيقية تكمن في ان هل الفريق المعطل لانتخاب الرئيس يسعى الى رئيس توافقي ام يسعى الى تعطيل المؤسسات الدستورية وصولا إلى تعطيل الدولة لمصلحة دويلة حزب الله.
ويأتي على رأس هذه المؤسسات مؤسسة رئاسة الجمهورية بعدما استطاع أن يعطل عمل المجلس النيابي ويشل عمل الحكومة ويجعلها في موقع العاجز عن اتخاذ أبسط القرارات وتنفيذها. فحزب ألله الذي يصر على ترشيح العماد ميشال عون كمرشح وحيد ويحاول فرضه كمرشح توافقي فإنه هو المستفيد من استمرار الشغور الرئاسي وهو يحاول من خلال هذا الإصرار على تنفيذ مخطط إحداث فراغ شامل في لبنان بحيث لا سبيل إلى الخروج منه إلا بوضع دستور جديد يعيد النظر في توزيع الصلاحيات على السلطات الثلاث.
ومخطط أحداث الفراغ الشامل بدأ مع أحداث السابع من أيار التي إنتهت بمؤتمر الدوحة الذي سهل إجراء الإنتخابات الرئاسية لعام 2009 بعد شغور رئاسي دام لستة أشهر وتم بعدها تشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري. وهذا التعطيل في مؤسسات الدولة يذكر بكلام للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عندما تحدث عن مؤتمر تأسيسي يفتح المجال لإعادة النظر في الصيغة اللبنانية وصيغة العيش المشترك وبالتالي يشرع الأبواب لإعادة التوازن في التقسيمات الطائفية وحصة كل طائفة من الكعكة اللبنانية.
وأما قطار الحوار الذي انطلق بين حزب الله وتيار المستقبل من جهة وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة ثانية فهو ليس اكثر من محاولة لإثارة غبار كثيف لحجب الحقائق. وثمة من يعتقد انه اما ان يكون لبنان من حصة السياسة الإيرانية وضمن نفوذها في المنطقه فيكون رئيس الجمهورية من هذا الخط وأما يقدم حزب الله على ارتكاب ما فعله الحوثيون في اليمن توصلا إلى تسوية يقوم على أساسها حكم جديد تتمثل فيه القوى السياسية الأساسية بحسب حجمها وهذا بالتأكيد سيكشف البلد أمام مخاطر الجماعات الإرهابية ألتي قد تستغل فوضى الانقسامات السياسيه الداخليه لتخترق الساحة اللبنانية بما يجر البلد إلى حروب أهلية ومذهبية وطائفية قد يضيع معه الوطن.