80% من المباني مهددة بالإنهيار في حال حدوث زلزال من 6 الى 7 درجات أي ما يعادل أكثر من 16 الف مبنى على الاراضي اللبنانية، مبانٍ قديمة كانت شاهدة على الحرب الأهلية ومن اهم خطوط التماس آنذاك تراها اليوم معرضة للسقوط بسبب أعمال التغير التي تحصل داخلها من قبل السكان بحجة "التوسيع" أو تغيير "الديكور".
عاصفة صغيرة ضربت المنطقة أظهرت هشاشة البنى التحتية خاصة على الواجهة البحرية فكيف ستكون حال تلك البنى في حال حدوث هزة أرضية قوية، خاصة أن لبنان يتعرض لما يقارب الـ 600 هزة سنويًا، هذا اذا ما افترضنا زلزالًا ضرب المنطقة.
قد لا نكون بحاجة الى مسح لمعرفة الخطر الساكن داخل تلك المباني على امتداد الجغرافية اللبنانية فبالاستماع الى بعض القصص عن كيفية انشاء بعض المباني العشوائية والرشاوى التي تحصل لبعض البلديات من قبل المتعهدين أو حتى للقوى الامنية كفيل بفهم تلك المخالفات وكيف أصبحت أمرًا واقعًا.
أرقام المباني المهددة بالإنهيار والتي خلصت اليها جمعية سلامة المباني تشير الى وجود16.260 مبنًى مهددًا. القسم الأكبر يتوزع على محافظة بيروت (10460 مبنى) من ثم 4000 مبنى في طرابلس وزحلة وصيدا و640 مبنى في قرى محافظة جبل لبنان و600 مبنى في برج حمود والشياح و160 مبنى موزعة بين قرى محافظة الشمال والجنوب ومرجعيون والبقاع .حيث أشار رئيس الجمعية يوسف عزام في حديثه لـ"البلد" الى أن المسح ليس دقيقًا مئة بالمئة وأن رقم 80 بالمئة مهدد بالإنهيار في حال حدوث زلزال يبقى الرقم الأدنى بينما الواقع هو أكثر من ذلك حيث تم المسح من خلال إعمار المباني وكيف انشئت خاصة أنه يوجد مبانٍ بحاجة لهزة أرضية فقط وليس لزلزال لكي تسقط.
ويشير عزام الى أن المباني ما قبل عام 2013 غير خاضعة للقوانين الجديدة المتعلقة بالسلامة العامة والوقاية من الزلازل حيث يلتزم استيفاء المواصفات والمعايير المطلوبة للبناء، مضيفًا أنه في أزمة مبنى فسوح حدث ضياع في الدولة ونزل نواب ووزراء الى المبنى المنهار ولكن دون جدوى خاصة مع التهم المتبادلة بين جميع الأطراف.
واشار عزام الى أن المشكلة في المباني الحديثة خاصة في بيروت وضواحيها أن المتعهد يستخدم الاراضي الى آخر شبر وتصبح هناك حفريات اقل من المباني المجاورة فتؤثر على المبنى القديم ومع الوقت تقع الكارثة.
اما المشكلة الثانية فتتعلق بغياب الوعي وعدم وجود رقابة على المباني وفي حال حدوث رقابة تكون من وزارة الداخلية فيتم الكشف عن القياسات واذا ما كانت مخالفة أم لا ولكن بالأساس عنصر الأمن ليس مهندسًا.
وحول التغيرات التي يقوم بها بعض السكان داخل المباني فيعتبر عزام أن العمار في الوقت السابق كان يعتمد على الحائط وليس على العواميد، واذا حصل تغير في هيكل المبنى من الداخل فهو بالطبع سيؤثر على البناء، مضيفًا أن أي تغير يجب أن يحدث لا بد من خضوعه لرخصة من البلدية، محملاً لجنة البناية والأهالي القاطنين مسؤولية متابعة أي تغير في الشكل الهندسي الداخلي، فالخطر سيهدد البناء أجمع وليس بيتًا بمفرده، فمن خلال متابعة الموضوع مع البلدية والمهندس يمكن تجنب كارثة مستقبلية. معتبرًا أنه ليس بالضرورة أي تغير داخلي أن يؤثر على البناء ولكن الموضوع يعود للمهندس وتقييمه، خاتمًا بأنه في حال كان التغير يهدد السلامة العامة يحق للأهالي رفع دعوى قضائية ومتابعة الموضوع قضائيًا.
غياب الوعي والذي تحدث عنه رئيس جمعية سلامة المباني يوسف عزام تداركه سريعًا في ظل غياب برامج التوعيه على مستوى الإعلام والمدارس، حول كيفية التعامل مع موضوع الهزات الأرضية والزلازل والمباني وكيفية تجهيزها، وحول كيفية التعامل مع كل أنواع المخاطر، حيث يفتقر لبنان إلى البرنامج العلمي، بحسب العديد من الخبراء خاصة أن لبنان معرض لحدوث زلازل حيث يتساءل الخبراء عن كيفية تعامل المواطن مع الزلزال أو موجات التسونامي؟ فعيوب البناء العديدة في البلاد من شأنها أن توقع العديد من الإصابات، فالمباني هي التي تقتل وليس الزلزال بحد ذاته حيث تصبح المباني مصائد موت متنقلة على كافة الاراضي في ثوانٍ معدودة، فمن البديهي في تلك الحالة بحسب الخبراء وضع لائحة إرشادات وتعليمات حول كيفية إخلاء المباني والمناطق الساحلية في ظل غياب القدرات والتجهيزات لإسعاف وانقاذ واغاثة المواطنين في حال وقوع كارثة طبيعية، والمضحك المبكي في المسألة أن المستشفيات هي لإستقبال الحالات الطارئة أما في لبنان فالمستشفيات مضى على نشأتها وقت طويل فتصبح هي بحاجة الى اغاثة. فمن المتعارف عليه أن أي مبنى لا يسقط بصورة مفاجئة بل تسبقه انذارات من تشققات وانهيارات صغيرة أو تآكل في الحديد تفترض بالمالك أو المستأجر تبليغ الجهات المعنية من بلدية أو مخفر أو غيرها لارشادهم عن كيفية التحرك والقيام باللازم .
وفي اتصال مع بعض البلديات المعنية يجمع رؤساء تلك البلديات على جملة "البلدية تلتزم بمواصفات التنظيم المدني" ولكن هذا "الالتزام المزعوم" يرافقه غياب ثقافة التعامل مع الكوارث حيث أن لبنان لا يملك الحد الأدنى من المقومات للتعامل مع تلك الكوارث في حال حدوثها، واقصى ما يمكن فعله هو الترحم من قبل المعنيين على الارواح وتراشق التهم.
ولكن التلكؤ في تطبيق قوانين السلامة العامة ساعد بشكل أكبر على إهمال المباني وهشاشة حالتها وسط لامبالاة وفوضى تؤديان إلى خسائر بشرية ومادية يتحمل مسؤوليتها على المواطن سواء كان مالكًا أو مستأجرًا أو مسؤولاً في الدولة .