مِن حظ تيمور جنبلاط أنّه سيتسَلَّم الزعامة من والده مباشرةً. وهذا الامتياز لم يكن متاحاً لوليد الذي أُلبِس العباءَة، على عجَل، فيما دمُ والده الشهيد كمال جنبلاط لم يزَل طريّاً.
يتفهَّم «وليد بَيْك» رغبة الرئيس نبيه برّي في تأجيل استقالته من المجلس النيابي: إذا تقرّرَت الانتخابات النيابية الفرعية في الشوف، فسيكون إجبارياً ملء الفراغ الذي خلفَته وفاة النائب ميشال حلو في جزين.
وربّما تكون هناك انتخابات فرعية في زغرتا أيضاً، إذا قرَّر النائب سليمان فرنجية أن يحذوَ حَذو جنبلاط، ويُسلِّم المقعد لنجلِه طوني. وإذا حصَلت هذه الفرعيات الثلاث، سترتفع الأصوات المتسائلة: إذا كنتم قادرين على إجراء الانتخابات في ثلاث دوائر، فما المبرِّر لاستمرار تعطيل الانتخابات العامّة؟
يستجيب جنبلاط لطلب صديقه برّي. ولكن، من الناحية المبدئية، وما دامَ تأجيل الانتخابات سيِّد الموقف، فالأفضل لتيمور أن يصلَ إلى الندوة البرلمانية للمرّة الأولى، بالتزكية، وفي انتخابات فرعية خالية من وجَع الرأس وخَلط الأوراق وتبادُل المقاعد بين الأحزاب والزعامات والطوائف والمناطق.
فالزعيم الجنبلاطي الشاب يجب أن يَحتفظ بكتلة نيابية واسعة متنوّعة طائفياً. ويكون الأمر أكثر سهولة، في المرحلة الأولى، إذا جاء هو إلى رأس الكتلة، بدلاً من تحَمُّل أعباء تشكيلِها في انتخابات عامّة.
طبعاً، سيُشكّل وليد جنبلاط مظلّة قوية لتيمور طوال السنوات الآتية. وطبعاً، لن ينافسَه أيّ درزي على موقعِه، لا الأمير طلال إرسلان ولا الوزير السابق وئام وهاب ولا سواهما. فهذا من المسَلَّمات، ولا خوفَ من اهتزاز الزعامة الجنبلاطية عند تسَلُّم تيمور لها. لكنّ وصوله اليوم مرتاحاً، وبدعم والده، من شأنه أن يسهِّل له المهمّة.
المطَّلعون يقولون لـ"الجمهورية": قد يرجئ جنبلاط استقالتَه النيابية التي كان يفضّل إعلانَها في عيد الحزب التقدمي الإشتراكي، أوّل أيار المقبل، لكنّه سيسرّع الخطى سياسياً وحزبياً في تسليم تيمور الذي ينغمس أكثر فأكثر في الملفّات السياسية ويرافق والدَه في الجولات واللقاءات المهمّة، ومنها زيارة السعودية الشهر الفائت.
ووفقاً للمطّلعين، سيكون هناك دورٌ مهمّ في هذا المجال للوزير وائل أبو فاعور الذي هو اليوم المعاون السياسي لوليد جنبلاط. فبينَ الشابَّين قرابة العمر والعديد من النقاط المشترَكة. كما أنّ هناك دوراً لشابَّين آخرَين: أمين السرِّ العام ظافر ناصر ومفوّض الإعلام رامي الريّس. وللنائب أكرم شهيّب موقعٌ عزَّزَته خصوصاً مجرَيات 7 أيار 2008 وعمليّات الاستيعاب التي أعقبَتها.
ويميل بعض أصدقاء وليد جنبلاط، ولا سيّما الرئيس نبيه برّي، إلى استمراره في موقع القيادة في المرحلة الراهنة. لكنّ جنبلاط يرى أنّ الوقت حان لتمرير الزعامة الجنبلاطية إلى جيل جديد. وفي أيّ حال، هو لا يُخفي قرَفَه داخلياً، وقلقَه داخليّاً وسوريّاً.
وكان الاجتماع الدرزي الذي عُقِد أخيراً في دار الطائفة في فردان مُهِمّاً للبحث في ما تتعرّض له الطائفة من مخاوف، نتيجة الوضع في سوريا. وقد تعَمَّدَ جنبلاط خلاله أن يتقدَّمَ بمداخلة مكتوبة، حِرصاً على الدِقّة وتأكيداً على خطورة الملف.
ويتحدّث المطّلعون عن فتور في العلاقة بين جنبلاط وإرسلان في هذه الأيام، على خلفية الملف السوري. ويقولون إنّ «المير» التقى الرئيس بشّار الأسد مرّتين في الفترة الأخيرة، وهو عَبَّر عن دعم الدروز في سوريا له.
فجَدّد جنبلاط تأكيدَه على وقوف الدروز في سوريا ضدّ النظام. إذاً، في أوّل أيار المقبِل، على الأرجح سيحافظ جنبلاط على موقعِه النيابي، إذا لم ينجَح في إقناع صديقه برّي بإجراء انتخابات فرعية.
لكنّه سيسرِّع الخطوات لتسليم تيمور مهمّات سياسية ومسؤوليات حزبية. وإذا كانت الظروف ناضجةً، فإنّه سيدعو إلى جمعية عمومية يتمّ في خلالها تسليم تيمور صلاحيات حزبية قيادية. فهو اليوم «عضو مرشِد» ويمكنه سلوك الآليّة التي توصِله إلى رئاسة الحزب. فالميراث السياسي في زعامة آل جنبلاط، مرسوم منذ أجيال، بمواقيته. والوقت أقوى من أيّ شيء آخر.