مع التأكيد على الثوابت التي يتمسك بها ولا يمتلك إمكانية التنازل عنها. ومنها تسليم سلاح حزب الله إلى الجيش اللبناني أو وضعه في كنف الدولة وانسحاب الحزب من آتون الحروب الدائرة في سوريا عملا بمقولة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وتسليم المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى المحكمه الدولية صونا للعدالة وحمايتها واستعادة الدولة لقراري الحرب والسلم التي ينفرد بهما حزب الله وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد إزالة العراقيل عن الطريق التي تؤدي الى إجراء عملية التصويت داخل المجلس النيابي. فإن الرئيس سعد الحريري ومعه القيادات في الرابع عشر من آذار يدرك جيدا أن البحث في هذه القضايا لم يعد يقتصر على الأطراف اللبنانية لارتباطها الوثيق بالواقع الاقليمي بحيث تحولت إلى أوراق بيد قوى إقليمية تحاول استثمارها لخدمة مشاريعها ومن الصعب التفريط بها لمصلحة اللبنانيين وخدمة للمسار السلمي في البلد.
ومع هذا فالرئيس الحريري يعرف تماما ان هناك قواسم مشتركة يلتقي عليها مع اخصامه السياسيين ولا بد من الاستفادة منها في ظل الخطر الداهم على البلد والذي يتمثل بالجماعات الإرهابية التي بدأت تخترق الجدار الأمني مهددة بزعزعة الأمن والاستقرار فيه وكذلك هناك مساحة مشتركة نجمع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتلاوينهم الطائفية والسياسة.
وعليه فقد أطلقت عودة الحريري إلى بيروت حيوية لافتة في وتيرة الحياة السياسية الغارقة في روتين متراكم يزيد ثقل الفراغ الذي يهيمن على الدولة ومؤسساتها واحيت روزنامة لقاءات الحريري واجتماعاته الحركة السياسية المشلولة.
وكان واضحا اهتمام الدبلوماسيين بما كان يجري في بيت الوسط خلال الأيام القليله الماضية اكثر من اهتمامهم بما كان يجري في مجلس النواب الذي فشل مرة جديدة في انتخاب الرئيس. خصوصا لجهة اللقاءات التي كان يجريها الحريري مع الفعاليات السياسية والقيادات الحزبية وأهمها لقاءه مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والذي أعقبه لقاء مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وكذلك لقاءاته مع المراجع الروحية والمسؤولين الأمنيين.
وقد زاد من أهمية هذه اللقاءات جلسة الحوار السادسة لمدة ساعتين ونصف الساعة بين حزب الله وتيار المستقبل التي عقدت في ضيافة الرئيس نبيه بري في عين التينة.
وعليه يمكن القول أنه إذا كان الفراغ الرئاسي قد دخل شهره العاشر وإذا كانت الخلافات المتصاعدة داخل الحكومة المنقسمة حتى على آلية عملها ما يعرقل اتخاذ القرارات رغم ان البلد أصبح على كف عفريت وإذا كان مجلس النواب مغيبا على خلفية الانقسام الجذري في البلاد الذي يتركز الآن على عملية الاستحقاق الرئاسي.
فإنه من الطبيعي ان تطلق عودة الحريري هذه الحركة الناشطة سياسيا ودبلوماسيا. والتي قد تكون مقدمة لعودته إلى مركز الرئاسة الثالثة مع تأييد كافة القوى السياسية والحزبية في البلد