أعقبت قرار القضاء الإيراني بفرض الحصار الإعلامي على الرئيس السابق محمد خاتمي، موجة عارمة من الردود الداخلية والدولية، يختصرها الاستياء والاستغراب والإدانة.

بدأت تلك الردود من مواقع التواصل الإجتماعي وخاصة من فايس بوك، بادر الكثير من مستخدميه بإطلاق حملات دعم للرئيس خاتمي ووضع صور له على صفحتهم والتعبير عن استيائهم لقرار القضاء.

وفي اليوم التالي للإعلان عن هذا القرار بادر طلاب الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران بوضع عشرات من صور الرئيس خاتمي على لوحة الإعلانات بكلية الحقوق لجامعة طهران، معلنين بذلك عن رفضهم لقرار الحصار الإعلامي على الخاتمي.

كما أصدرت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان التي تترأسها شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بياناً دانت فيه هذا القرار، معتبراً أن قرار القضاء، يهدف إلى تأمين مصالح أقلية تعتبر مصالحها السياسية الفئوية هي المصالح القومية وتُلزم القضاء على مراعاة تلك المصالح، واعتبرت اللجنة أن اتخاذ هذا القرار يدل على تسيس القضاء، الذي يؤدي إلى عدم ثقة الشعب للقضاء. وتساءلت اللجنة: هل أصبح الأمن في بلد يعتبره النظام، أقوى دولة في الشرق الأوسط، هشة لدرجة أن نشر صورة أو خطاب، إلى الفوضى وزعزعة النطام؟!

يعتبر العديد من الشخصيات السياسية والحزبية أن السبب الذي يكمن في قرار القضاء المسيس بفرض الحصار الإعلامي على الرئيس خاتمي، هو أن إيران مقبلة على الانتخابات النيابية لمجلسين الشورى وخبراء القيادة، التي ستجرى في بداية العام الميلادي المقبل، وكلتا الانتخابين، تؤديان دوراً مصيرياً لمستقبل الديمقراطية في إيران، يأمل الإصلاحيون بالفوز في كلتيهما بعد ما فازوا في الانتخابات الرئاسية في العام الفائت، وأعلن الإصلاحيون عن تمحورهم حول الرئيس محمد خاتمي، الذي يحظى بشعبية لا ينافسه فيها أحد. وهكذا يريد الإصلاحيون استخدام الطاقات المذهلة التي يملكها شخصية خاتمي الكاريزماتية، كما استفاد منها النظام الإيراني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في جرّ المقاطعين للانتخابات إلى صناديق الاقتراع بفضل بيان الرئيس خاتمي طالب مناصريه إلى التراجع عن مقاطعة الانتخابات ودعاهم إلى التصويت لصالح الشيخ حسن روحاني.

وبالرغم من فوز مرشح الإصلاحيين في تلك الانتخابات، إلا أن النظام أيضاً ربح في إقناع المعارضة بفك مقاطعة الانتخابات، والهروب من فضيحة سياسية ضخمة وإن عبر وسيط غير محبذ له. ونظراً لهذا الدور المصيري، اعتبر مجمع الباحثين والمدرسين في الحوزة العلمية بقم، أن فرض الحصار الإعالمي على الرئيس خاتمي، نكراناً للجميل.

الفارق بين الانتخابات الرئاسية وبين الانتخابات النيابية تكمن في أن الأولى، انتحابات متكاملة تجرى على المستوى الوطني وتدور المنافسة فيها بين مرشحين قليلون، لادخل للعوامل المحلية في ارتفاع نسبة المشاركة فيها، بينما في الانتخابات النيابية، هناك آلاف من المرشحين، ينتمون إلى مختلف الحساسيات الطائفية والقبلية والطبقية والمجتمعية، تؤمن حداً معقولاً من المشاركة الشعبية، وتجعل من الصعب مقاطعتها. فعليه يستغني النظام الإيراني عن دور شخصيات سياسية من أمثال الرئيس خاتمي لتسخين الأجواء الانتخابية.