سوق العمل مما لا شك فيه أن سوق العمل اللبناني يرزح تحت ناب أزمة متفاقمة ... فما بين العمالة السورية بالدرجة الأولى، والعمالة المصرية والصومالية والفيليبينية ... لم يبقَ للعامل اللبناني غير الاتجاه إلى "البسطات " ليقتات من مردودها المتواضع مع المزاحمة السورية الكاسحة عليها أيضاً ...
"البسطات " لأصحاب الشهادات ... مخطئ من ظن "البسطة" للأمّي ، ففي لبنان أصبح هذا العمل يضم نسبة لا يستهان بها من أصحاب الشهادات والكفاءات ... فكم من مُجاز "يبيع الليمون" وكم من خريج اضطر بين بطالة وفقر و حاجة أن يعلق شهادته على الحائط أو (يبلها ويشرب ميتها) ليعمل ما لا يليق بعلمه !!!
طرابلس والأزمة ! بما أن طرابلس عاصمة الفقر والنزوح والبطالة والعلم المهدور ... وبما أنها الخاضعة لأوضاع أمنية تحكم على مشاريعها الاقتصادية والإنمائية بالموت قبل الميلاد ! كان لا بد لهذه المدينة أن تأخذ الحصة الأكبر من أزمة "البسطات" حيث انتشرت على مساحة واسعة في الشارع الطرابلسي بكل أحيائه حتى كاد لا يخلو ركن منها ... وكأنها مهنة تاريخية ومتوارثة في هذه المدينة الكبيرة !
هوية "البسطات" في طرابلس !! لأن طرابلس أصبحت توأم دمشق عقب النزوح نرى مساواة بين العامل اللبناني والسوري في هذا العمل ... فالـ "بسطات" مهنة متاحة لكل من أراد ... ولكن بفارق بسيط العامل السوري إن أزالت الدولة "بسطته" له منظمة إغاثة تعيله وعديد من المنظمات الإنسانية التي لا تبخل على النازحين ... بينما اللبناني (قلو الله) ! فهذا (القهوجي) الذي يعرفه الجميع عند موقف الباصات على التل والذي أحب كل مار قهوته ... أزيل ركنه !!! فبعد سنوات من إعتماده على "بسطة القهوة" لإعالة عائلته ... ها هو ومنذ أربعة شهور عاطل عن العمل . فقد حجز مصدر رزقه وهو الذي ليس بمقدوره أن يقوم بأي مهنة أخرى في ظل واقع البطالة وندرة العمل ...
البسطة لبنانية والعامل سوري ! في حركة مرور سريعة بين "البسطات" في سوق التبانة والزاهرية ... يستوقفنا العديد من "البسطات" ذات الملكية اللبنانية والعمالة السورية ... وفي استفهام عن عدم استخدام العمالة اللبنانية تأتي الإجابة : يومية السوري أقل !
"البسطة" أرخص للطرابلسي !!! نعم الطرابلسي يريد "البسطات" فهي تؤمن به حاجياته بأسعار أرخص من المحلات ... فصاحب "البسطة" يقدم معروضاته بأسعار تنافسية ليجذب المتوسقين ... فهو لا يطمح لأرباح خيالية بقدر ما يريد أن يؤمن ما يكفي حاجاته اليومية . والمواطن الطرابلسية الذي تكاد حالته المادية لا تختلف كثيراً عن عامل "البسطة" تناسبه هذه الأسعار فيوفر لنفسه (قرشاً أبيضاً ليومه الأسود) وما أكثر تلك الأيام على طرابلس !
رشاوي ... وتبرطل !!! وتحت مبدأ(المدعوم بعيش) ، القانون في طرابلس يطبق (على ناس وناس) ... فهناك بسطات خط أحمر وأخرى تزال ويصادر ما عليها بلا رحمة ولا شفقة ! فهذه القوانين المسيسة تجعل اللبناني عامة والطرابلسي خاصة إن لم يملك يداً تحميه من ظلم القوانين تقطع يده المتعبة التي تشقى ... فهذه البسطات التي تحميها جهات مجهولة ... لها الحرية في تجاوز القوانين أمام الذين يطبقون القوانين (يعني معهن كارت بلانش وعلى عينك يا تاجر)
تشريع العمل ... أوَ ليس الأجدر بالدولة بدلاً من التصديق على القوانين الجائرة التي تسرق لقمة الشعب أن تقوم بقوننته وتنظيمه ؟ ففي حديث مع الأستاذ خالد العكاري (مجاز في الحقوق) عن كيفية تنظيم هذا العمل وضبطه بقوانين لا تجور على الفقير ... أجابنا أنه بالإمكان تشريع العمل وإخضاعه لقوانين محددة . - كقيام البلدية بتخصيص أماكن محددة لهذه "البسطات" بعيداً عن الأماكن الحساسة التي لا تحتمل وجود هكذا نشاطات مثل نقطة تقاطع طرق او دائرة رسمية أو مستشفى الخ ... وذلك لتلافي الإزعاج الصادر عن مكبرات الصوت و زحمة السير الخانقة التي تسببها فوضى البسطات وانتشارها العشوائي ... - فرض رسوم معينة على من يرغب في العمل على البسطة ومنح تصاريح ، وهذا الحل له إفادة على الجانبين إن من جهة تنظيم العمل أو تأمين مدخول للصندوق البلدي . - اصدار بطاقات توزع على الذين توافق البلدية على منحهم تصاريح لممارسة هذا العمل ، الأمر الذي يحدد هوية العامل ويمنع الفوضى . - إنشاء غرفة في البلدية لقوننة العمل واستقبال الشكاوى الصادرة عن أصحاب البسطات . - تنظيم وقت العمل وتحديد ساعاته .
كفى ... نحتاً على الفقير !!! فيا دولة الفساد والفراغ والمديد (اتركي الشعب يعيش ) فأمام كل الحلول الممكنة لماذا تختار قوانين المجلس الممد لنفسه
أن تذبح اللبناني !!! ولماذا ... لقمة الفقير وبالأخص الطرابلسي (غصة) في حلق الزعيم !
بقلم: نسرين مرعب