للمرة المليون يؤكد أمين عام حزب الله نهاية الحرب في سورية بانتصار الجيش العربي السوري على الحرب الكونية التي تمّ تصغيرها الى ظاهرة ارهابية وافدة بمال خليجي وبتسهيلات حدودية أردنية- تركية . ان خطاب السيّد الأخير والمتعلق بالأزمة السورية يذكرنا بالخطاب الأول له باعتبار الأحداث السورية مجرد حركة محدودة ومفتعلة سرعان ما يتمّ القضاء عليها بحدود اسبوع واحد وهذا الموقف ردده رئيس كتلة التيّار الوطني الحرّ ليُسرّ اللبنانيّون بقوّة تحليل القيادات اللبنانية المتفوقة على التحليل الأمريكي والأوروبي .

كل المحللين يخطئون في تحليلاتهم سواء كانوا من جنس القيادات أومن أفراد غير مسؤولين بالمعنى المباشر أيّ لا تتوفر لهم المعلومات الأمنية المتعددة المصادر والمعطيات العسكرية التي تزود مادة التحليل بالمعطيات الكافية والكفيلة بمنح الموقف السياسية درجة عالية من الصواب والمنطق القريبين من الحقيقة .

لكن أن يتكرر الموقف وبنفس الحماسة القديمة وبتقدير متناس للتقديرات السابقة ودون مراعاة لحسابات المواقف الأولى والغير صائبة فالأمر يستدعي السؤال عن جدوى العودة الى تأكيدات غير محسومة وغير محسوبة جيداً ؟ مع علمنا المُسبق بعدم مراجعة أحد لأي زعيم لبناني أو عربي أو شرقي لسؤاله عن أشياء قدرها وأكدها ولم تحصل وعن وعود وعد بها ولم ينفذها لأن المواطن أم مسلوب الارادة أو خائف ومذعور من سلطة الزعيم أو أنه موال له فلا مكان للسؤال أصلاً في قلبه .

بتقديري أن الموضوع ناتج عن قراءات ناقصة في كثير من الأحيان لأيّ حدث أو أزمة وبالتالي فاحتمالات الحرب ونتائجها من الصعب تحديدها مسبقاً لأن المضاعفات التي تتخذها الحروب تغيّر كثيراً من سياقاتها لذلك نرى أن الذين حددوا سقفاً زمنيّاً للأزمة السورية أولاً ومن ثمّ للحرب قدّ أكّدوا تواضع أدوارهم ومعطياتهم ومازالوا عند ضالتهم الأولى ولم يعكسوا مواقف جديدة توفر لهم فرص التنور والاستنارة لمنح مواقفهم النضوج الكافي ليكونوا قريبين جداً من حقيقة الحداث الجارية . ثمّة من يُبرر للزعيم قوله في كل شيء لأنه يستند الى زعامة لا تتزحزح والى قاعدة طائفية أو مذهبية أو شعبية تصفق له دائماً لأن قوله لا يحتمل الخطأ وبالتالي فانه يقول ما يدب في الجماهير الحماسة المطلوبة وفي قلوب أعدائه الذعر المطلوب لذا يشتى الكثيرون وعن قصد تلبية لرغبات الجماهير المنتظر للنصر الموعود .

في العودة الى موقف السيّد من سورية وتأكيده المُحدد لأيام الانتصار على ارهاب المعارضة وعودة نظام بشار الأسد من جديد الى الحكم يبدو أن الموقف المُختلف مع مجرى الحرب السورية الطويلة ومع الانقسام السوري الحاصل سياسيّاً وعسكريّاً وجغرافيّاً ومع المواقف العربية والدولية الداعية الى حلّ سياسي لا يعطي الأسد ما أعطاه ايّاه السيّد وبالتالي فان التخلص من مرحلة تنظيم الدولة الاسلامية – داعش – أمر يحتاج الى سنين على حدّ قول الرئيس الأمريكي وبعد نهاية هذه المرحلة الداعشية ستأتي مراحل النصرة والحرّ والمعارضة المعتدلة اضافة الى 20مليون سوري يتخذون أسماء عديدة لمعارضتهم ضدّ نظام بشّار الأسد .

الكل يعلم من القاصي والداني أن الثابت السوري هو عدم عودة نظام الأسد وأن مستقبل سورية محصور بصيغة جديدة غير أسدية وغير بعثية وغير علوية أيّ صيغة تحمل مشروع نأمل أن يكون وطنيّاً لا طائفيّاً كم تمّ في العراق وكما هو حال لبنان لأن ذلك سيكون أبشع من الحرب نفسها . لقد سقط الأسد بضربة واحدة عندما عالج شعارات الأولاد في درعا ومن ثم في طريقة قصاصهم البعثي بطريقة أعطت المبررات المباشرة لقيام الثورة السورية وعندما تشظى الجيش العربي وانشق على نفسه مستفيداً من الحرب بتجارة وفرت للقيادات العسكرية ثروات ضخمة وعندما وهن البعث عن أن يكون حزب الدولة ويدافع عنها بمسؤولية وأمانة وعندما خسر الرهان على طائفة علوية بقادرة على حماية أقليتها في دولة آيلة الى السُنة لأنها لم تقتنع من جهة بوهم سلطتها على الدولة ولأنها لا تملك قدرات الدفاع عن دولتها الموهومة من جهة ثانية .

لقد ضعف الأسد الذي عُرف بالقوّة التي ارتعد منها اللبنانيّون والسوريّون معاً حتى حلفاء سورية من اللبنانيين الذين كانوا يخافون حتى من جرو سبع كما كان حال المندوبين السوريّين اللذين حكما لبنان الأول غازي كنعان والثاني رستم غزالي وبات الأسد نفسه أسداً بلا أنياب وبلا مخالب بحيث أصبح يهاب ويهرب من الهررة الصغيرة .

لقد تغيّر الوضع في سورية جملة وتفصيلا وبات الأسد الحقيقي والفعلي في سورية هو السيّد نصرالله الذي يملك حزبه حصّة السلطة كاملة في البر والبحر والسماء وبات هو الشخص المسؤول عن مسار الحرب في سورية التي يخوضها وفق منطق الاتفاق النووي الذي يمهد لعلاقات أمريكية – ايرانية تعطي الثانية فرص سياسية وأمنية ومن ضمنها سورية لذلك قال أسد سورية الفعلي بأن انتصاره في سورية قاب قوسين أو أدنى لأنه متأكد من نوايا ايران الجديّة في اتفاقها مع الشيطان الأكبر وهذا ما سيُخسر المعارضة السورية ويعطي له فرص الفوز بالنصر .

بقلم: حسن بري