احتفال اطلاق وثيقة السلم الاهلي والحوار في قاعة الاونيسكو بعد ظهر الجمعة من قبل ملتقى الاديان والثقافات كان حدثا مميزا لانه اثبت ان قوى المجتمع المدني في لبنان مستعدة للتجاوب السريع والعملي مع المبادرات العملية والفكرية لرفض الحرب والعنف والتطرف وانها مستعدة للتعاون مع كل المؤسسات الحوارية.
واهمية الحدث ،انه رغم الطقس العاصف والمثلج، فقد شارك في الاحتفال حوالي مئتين وخمسين مؤسسة وشخصية مدنية من كل المناطق اللبنانية وتمثل كافة الاتجاهات والانتماءات، وكان هناك حرارة كبيرة بالتفاعل مع الحدث رغم الامكانيات المتواضعة للمنظمين وعدم وجود قوى سياسية وحزبية كبيرة تقف وراء هذه المبادرة.
والجانب الثاني المهم في الحدث مضمون الوثيقة والكلمات والمداخلات التي القيت والتي تؤكد الحاجة لقيام دولة مدنية في لبنان والعالم العربي ووقف التداخل السلبي بين العمل السياسي والشأن العام مع العمل الديني ودور رجال الدين ، بالاضافة لرفض العنف والتطرف والدعوة للحوار وحماية السلم الاهلي.
اما الجانب الثالث الايجابي فكان تأكيد المشاركين على اهمية القيام بخطوات عملية والتوجه الى الرأي العام واشراك الشباب والطلاب والنساء وكل افراد المجتمع بهذه النشاطات لتعميم ثقافة الحوار وقبول الاخر ورفض العنف من اية جهة اتت.
اذن نحن امام حدث مهم واستثنائي في هذا الزمن الصعب حيث يشتد التطرف والعنف في العالم، لكن الاهم من كل هذه الايجابيات كيف يتم تحويل هذه الطاقات الايجابية الى خطوات عمل حقيقية وتجاوز بعض الاشكالات التي حصلت خلال حفل اطلاق الوثيقة ومنها حرمان بعض المتحدثين من القاء المداخلات او عدم الذهاب لمناقشة برامج العمل التطبيقية وتحول المنبر احيانا الى منصة لاطلاق المواقف العامة او تقديم بعض الانجازات لعدد من المؤسسات.
مع الاشارة لغياب بعض المؤسسات والجهات الفاعلة على الارض وخصوصا في الساحة الاسلامية.
لكن الاخطاء التي حصلت خلال الاحتفال، لا تلغي اهميته ودلالاته الايجابية وكل ذلك يضع المنظمين والمشاركين امام سؤال تحدي الاستمرارية والمتابعة والانطلاق نحو خطوات عملية تستفيد من الزخم الحواري القائم في لبنان والمنطقة.
ما جرى في الاونيسكو بعد ظهر الجمعة في 20 شباط يؤكد ان المجتمع اللبناني اليوم والمجتمع العربي عامة يرفض العنف والتطرف ويريد دولة مدنية قائمة على المساواة والعدالة فهل يشكل رسالة ايجابية لكل المعنيين كي يتم العمل على اساسها؟