يخوض حزب الله منذ ثلاثة أيام، مدعوما من وحدات مدرّعة من الجيش السوري، معارك طاحنة وصفها المراقبون بـ”المصيريّة” ضد مسلحي قوات المعارضة في ريفي درعا والقنيطرة جنوب سوريا بهدف ابعاد الخطر عن العاصمة دمشق.
وقال مصدر ميداني سوري لوكالة فرانس برس ان الهجوم يهدف الى “وقف هجمة المسلحين الكبيرة باتجاه العاصمة واعادة زمام المبادرة الى الجيش السوري، اي ابعاد خطر المسلحين عن دمشق بعدما سيطروا على عدة مناطق تخولهم ان يكونوا قريبين منها”.
فقد تمكن مقاتلو جبهة النصرة وجيش الإسلام، مع جماعات متحالفة من قوات المعارضة، من السيطرة خلال الاسابيع الماضية على مناطق واسعة جنوب سوريا، تقع اهمها في ريفي درعا والقنيطرة المحافظتين القريبتين من دمشق والاردن وهضبة الجولان.
وفيما أعلنت القناة الإسرائيلية الثانية ان هجوم الجيش السوري في القنيطرة له هدف أكثر طموحا وهو إعادة السيطرة على خط الحدود مع اسرائيل، فقد اكد محللون عسكريون ان سيطرة المعارضة على مقر قيادة “اللواء 82″ للدفاع الجوي بريف درعا ومدينة الشيخ مسكين وجوارها أدّى الى قطع طريق دمشق الأردن الجديد. وهو ما يسهّل مستقبلا لقوات المعارضة التجمّع لتقوم بهجومها الموعود باتجاه العاصمة دمشق.
من ناحية ثانيّة، بموازاة هذه المستجدات الخطيرة، تخوّفت مصادر اعلامية قريبة من حزب الله من الحشد العسكري المتواصل الذي تقوم به المعارضة السوريّة في المنطقة الحدودية مع اسرائيل في ريف القنيطرة بالجولان و”بدعم اسرائيلي مكشوف”، على حدّ تعبير المصادر. وهو ما يشير الى ان المعركة المقبلة ستكون على «ابواب راشيا وشبعا، والمعلومات تشير الى قرار جبهة النصرة بفتح المعركة قريباً. كما تستعد للهجوم على مدينة البعث وخانة ارنبة والقرى الدرزية في القنيطرة للسيطرة على كامل المحافظة وبالتالي قطع طريق الاردن دمشق القديمة، حيث تربض ثكنات الجيش السوري، بالاضافة الى الوصول لتهديد الجرود اللبنانية التي تبعد 30 كلم عن المصنع».
وقد كان مقرّرا لهذه العمليّة العسكريّة التي بدأت منذ ثلاثة أيام، والتي كان يجري التحضير لها منذ أشهر من قبل حزب الله والقوات السوريّة والمليشيات الموالية له، ان تبدأ منتصف الشهر المقبل بداية الربيع كي لا يعيق الثلج وسوء الاحوال الجويّة العمليات الميدانيّة. غير ان التطورات المتسارعة في الجبهة الجنوبيّة للبلاد فرضت نفسها مع سقوط “اللواء 82″ في درعا وبدء الحشد من قبل قوات المعارضة من أجل الهجوم على دمشق. فبدأ الهجوم المضاد بالرغم من تزامنه مع عواصف مناخية عاتية تضرب المنطقة، مع تأكيد من وكالة الصحافة الفرنسيّة أن حزب الله هو من تسلّم قيادة الهجوم الحالي وليس الجيش السوري المؤازر له بدعم من الأسلحة الثقيلة.
الهجوم المضاد فرض نفسه على الحزب ولا خيارات أمامه، فإما تحقيق انتصار كبير يعيد الحدود السورية مع فلسطين المحتلة الى سابق عهدها فيطرد جبهة النصرة منها، ويسترجع المواقع فتعاود القوات السورية النظامية التمركز بها، بالتوازي مع استرجاع معسكرات الجيش السوري في درعا… وإمّا أن تلحق بالحزب هزيمة كبرى في حال فشل هذا الهجوم. اذ ان عواقب خطيرة سوف تنشأ بعد فقدان قوات الحزب للمبادرة العسكريّة، وأول هذه العواقب فتح أبواب دمشق أمام غزو المعارضة وبدء معركتها الضروس الكبرى التي سوف تغيّر وجه سوريا ولبنان ووجه المنطقة كلها.