قالت لِيَ ظلال الزيتون:
لم يزرعوني...!
كأنثى وحيدة تقايض أرض الشّتات بسؤم السنين
أنا برقيّة تُركت سهوًا لتحرس ساقَ التراب من النَّمَلِ..
وقالت ...وقالت
كلاما كثيرًا
كلامًا غريبًا
كلامًا عَصِيًّا
وأبكتْ عِصِيًّا...
كلامًا لا تفهمهُ إلاّ...
أغصان الضياع في ساحِ المغيب
وقالت أخيرًا بأنّها...
قرّرت العودة مع رياح الشروق
إلى بيت السّحاب الهلامي
لتجمع عيون آرجوس من ريش طاووس
وترويَ كراكيب ظمئها
كأنّي بموجها يغرق في خطاب كولونيالي من القرون البائدة
وقالت بأنّ الليل جندي تائه لم يأتي صاحبه للمناوبة
فأرغى..وأرغى...
فأصغى..جوابًا
فأرغى..اتباعًا
ولم يطرب كآلة أرغن خارج الخدمة
فسكّر بابه
وغطّ جنابه بقشّ غراب
أنا المصلوبة فوق جذع ليس لي..
مائة عين تترصّدني...تنام واحدة وتبقى تسعة وتسعون مستيقظة
تنتظر فقْأ تسعة وتسعين زيتونة انتقاما..
لتكفي واحدة للنجاة
أنا المخلصة لعِجْل الزمان، أعفيته من الذّكاة.
يقول مارّ عبر الشارع الثامن من القصيدة: أين شجرة الزيتون ؟
فأجبته: أين القصيدة ؟
لم أكن لهذه الدرجة مولعًا بأغاني الرمال
وقت بكاء الظهيرة
ولا بشجرة الزيتون حين يأكل آدمي حرقتها خبزًا
تسربّ اليأس إليها
والأرض ضيّقة..
فأيّ سطر يتّسع لها قبرًا طويلا ؟
ماتت واقفة
ماتت منذ مائة عام
ماتت و لم يدّل على موتها لا المناسئ ولا عيون آرجوس الخلفية
ولم تلبس الطبيعة لباس الحداد على فقدها
ولم تتسّلق مياه الينابيع الجبال
لتعرف ما الجناية ؟ و من الجاني ؟
وكفّ السؤال..
فسلام ...سلام
سلام...سلام
محمد يويو