ما ان انتشر فيلم انزال القصاص " الشرعي " بحق الطيار الاردني معاذ الكساسبة بالقتل حرقا كونه مفسدا في الارض ومقاتلا لله ورسوله والمؤمنين بحسب نظرة تنظيم الدولة الاسلامية حتى انهالت الردود المستنكرة والشاجبة والرافضة لهذا الفعل،وتوصيفه على انه فعل إجرامي همجي وانه لا يمتّ للاسلام بأي صلة.
ردات الفعل هذه والاستنكارات قد تكون طبيعية ومفهومة عندما تصدر من جهات واطراف غير إسلامية ولا تتبنى الاسلام كمنهج وكمعتقد، أما أن تصدر عن حركات وأحزاب اسلامية تدعوا الى الاسلام بل وتناضل من أجل اقامة الحكم الاسلامي وتعميم مضامينه العقيدية والفقهية وتطبيقها فهذا مما يدعوا الى الكثير من التعجب، حتى لا نقول انه ينم عن حالة من الانفصام المرضي، او النفاق، المستبطن اظهار عكس ما يبطنون .
وجاء موقف الازهر في هذا السياق خير برهان على ما نقول، حيث احتوى بيانه بالامس بعد مقدمة طويلة عريضة من الاستنكار والرفض لما اقدم عليه داعش وتقريع فعله الخسيس مستتبعا ذلك وبنفس البيان ايضا من اقامة الاقتصاص من هذا التنظيم بنفس الادوات وبنفس الوحشية مستدلا على ذلك بنفس المصادر التي يستعملها داعش مطالبا المجتمع الدولي بإنزال عقوبة " الصلب والقتل وتقطيع الايدي والارجل " لهذا التنظيم " الشيطاني .
كما وان تلفزيون المنار التابع لحزب الله مثلا وفي نفس هذا السياق ايضا، يعرض صورا لأفلام إقامة الحد على لواطيين تنفذه داعش وذلك عبر رميهم من فوق أسطح المباني، ويتم التبرؤ من هذه الافعال باعتبارها أفعالا وحشية وغير انسانية يقوم بها داعش كونه تنظيما إرهابيا يجب محاربته ( وطبعا لا يفوتنا هنا المطلب الرئيسي لتحقيق ذلك عبر التعاون والتنسيق مع نظام الاسد ) في نفس الوقت الذي يتبنى فيه الحزب نفسه الحكم الشرعي المنصوص عليه قرآنيا ومعتمد عند كل الفقهاء الذين يدعو الى تقليدهم والعمل وفق فتاواهم واحكامهم ومنهم طبعا الامام الخميني والسيد الخامنئي وهو رمي الفاعل ( اللوطي) من شاهق .
وهنا تبرز اشكالية تكاد تصل الى حد إنكار بعض الاحكام الدينية عندما يتعلق الموضوع بخدمة المشروع السياسي إلا أن هذا الانكار والتنكر لا يغدو أكثر من محاولة خداع فاشلة تقدم عليها بعض الحركات الاسلامية من أجل خلق فارق منهجي بينها وبين تنظيم داعش، فارق مدّعى لا يمت الى الواقع بصلة وإنما يهدف بحقيقة الامر الى توظيف هذا التمايز الوهمي في خدمة مشروع سياسي ليس الا
ومن هنا يمكن القول بصراحة أن الفروقات على مستوى إقامة الحدود والتي تمارسها داعش أمام الكميرات وتحت الضوء وبين سائر الحركات الاسلامية الموجود، محصلته صفر فروقات، وعليه فمن غير المسموح لهذه الحركات الدينية على تنوعها ومهما تباعدت بالسياسة أن تستنكر أفعال داعش طالما أنها تتبنى نفس المباني الفقهية وتعتمد نفس آليات التفكير الفقهي لأنها بذلك إنما تمارس من حيث تعلم، فعلا لعله بمثابة أفعال داعش لانها وقتئذ هي تستنكر أمرا يدعوننا إليه.