سنكتفي أولا بذكر عدد من الروايات التي تناولت موضوع القبور والزيارات كما عالجها المفكر الدكتور علي شريعتي ,حيث أنني لم أجد طريقة أسهل وأوضح من أجل توضيح هذا الموضوع الذي يُستغل من قِبَل مَن يريد أن يعتاش على حساب راحة الناس كما عبر بذلك الدكتور علي شريعتي , وحيث أن موضوع الزيارات قد أدخل في عنوان المستحب الذي هو حكم شرعي , فلا بد من ان تُذكر الادلة الشرعية على صحة هذا او عدم صحته , وهل هو أمر ضروري وخاصة عندما تتعرض الارواح والانفس للخطر كما حصل بالامس في سوريا من تفجير إرهابي للزوار .
قد ورد عشرات الروايات على لسان النبي (ص) والأئمة (ع) نصّت وحددت كيفية التعامل مع القبور وزيارتها.
روى الشيخ الصدوق والشيخ الحُرّ العاملي صاحب «وسائل الشيعة» أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي قِبْلَةً وَلَا مَسْجِداً فَإِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَعَنَ الْيَهُودَ حَيْثُ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»
بناء على هذا الحديث فإن جميع الروايات التي ذُكرت في كتب الزيارة والتي تقول اجعلوا قبر الإمام قبلة هي من وضع أشباه اليهود الذين افتروها على لسان الأئمة عليهم السلام
وروى المحدِّث النوري في «مستدرك الوسائل» نقلاً عن العلامة الحليّ في كتابه «النهاية» رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقول «نَهَى النبيُّ أن يُجصّص القبرُ أو يُبْنَى عليهِ أو يُكْتَبَ عليه لأنَّه من زينة الدنيا فلا حاجة بالميِّت إليه
وروى المحدِّث النوري أيضاً: «عن أمير المؤمنين (ع) قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول
لا تتخذوا قبري عيداً ولا تَتَّخذوا قبوركم مساجدكم ولا بيوتكم قبوراً
وروى الشيخ «الحرّ العاملي» في «وسائل الشيعة» عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال
«لا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرّجات "
وجاء في ج22 من «بحار الأنوار» للعلامة المجلسي، وفي كُتُبٍ حديثيَّة موثوقة أن الإمام الصادق عليه السلام قال «لا تشرب وأنت قائم ولا تَطُف بِقَبْرٍ ولا تَبُل في ماء نقيع
وروى «زيد بن علي بن الحسين» عليهم السلام عن جدِّه علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال
: «نهى رسول الله عن لحوم الأضاحي أن تدخروها فوق ثلاثة أيام..... ونهانا عن زيارة القبور
الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال
«أنا عند القلوب المنكسرة والقبور المندرسة
فهذا الحديث يدلُّ على أن الحقّ جلَّ وعلا لا ينظر إلى القبور المزيَّنة المزخرفة والمجدَّدة والمحلّاة بالمرايا والذهب ويمقتها.
وروى «عبد الرزاق الصنعاني» الذي كان من قدماء الشيعة، عن ابن طاووس
"أن رسول الله نهى عن قبور المسلمين أن يُبنى عليها أو تُجصَّص أو تُزرع، فإن خير قبوركم التي لا تُعرف "
وروى الحرّ العاملي عن الإمام الصادق أنه قال : "لا تطيّنوا القبر من غير طينه " .. لاحظوا إلى أي حد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دقيقاً حتى أنه نهى أن يُزاد ولو مقدار قليل على تراب القبر، فما بالك بالفضة والجصّ وأحجار المرمر وغيرها من الأحجار الثمينة!
ولكن أمتنا لم تلق بالاً لهذه الأوامر بل أسرفت في تعمير قبور عظماء الدين ووصل الأمر إلى وضع الكذابين الغلاة رواية نسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فضل تعمير القبور، وفيما يلي نقوم بدراسة هذه الرواية متناً وسنداً:
روى الحر العاملي في «وسائل الشيعة» (باب 26 من كتاب المزار) بسنده عن عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ السَّاجِيِّ وَاعِظِ أَهْلِ الْحِجَازِ عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال (ضمن حديث طويل)، يَا عَلِيُّ! مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ومَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدَلَ ذَلِكَ لَهُ ثَوَابَ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ هذا الحديث فاسد السند كما هو فاسد المتن