مع خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله البارحة، أسدلت الستارة على الفصل الأخير من حادثة الغارة الاسرائيلية في القنيطرة التي أودت بحياة ستة عناصر من الحزب وستة من الحرس الثوري الايراني بينهم كوادر كبار وجنرال إيراني في الحرس، والأهم أن بينهم أحد أبناء القائد العسكري السابق للحزب عماد مغنية الذي سبق أن اغتالته إسرائيل قبل أعوام، ويومها توعد "حزب الله" بالرد ولم يفعل. أسدلت الستارة على فصول الغارة مع قيام الإيرانيين ومن خلفهم "حزب الله" برد "مدروس" يحول دون انزلاق الاطراف المعنية الى تصعيد من شأنه تغيير المعطيات في المنطقة. فالحرب ممنوعة على الجميع. إيران لا تريدها وبالتالي فإن "حزب الله" ذراعها في لبنان لا يريدها هو الآخر، وخصوصاً أن الحرب مفتوحة في سوريا بخسائر هائلة تكبدها الحزب الغارق هناك حتى عنقه، فيما إيران بلغت مرحلة متقدمة وحساسة في مفاوضاتها مع الغرب، وبالتحديد مع الأميركيين بما يحدّ في الوقت الراهن من هوامشها في التصعيد مع إسرائيل. وإسرائيل بقيادة حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد حرباً تمتد من الجنوب اللبناني الى الجولان، وهي على أبواب انتخابات تشريعية قد تنقلب بنتائجها على حظوظ رئيس الحكومة الذي يتهيأ لخوض أولى جولاته الانتخابية في واشنطن أمام الكونغرس ضد إدارة الرئيس باراك أوباما.
أسدل الستار على آخر فصول الغارة ليعود الجميع الى ما قبل القنيطرة. وكل ما يرد في الخطب الموجهة الى جمهور يراد إعادة تعبئته لأكثر من سبب ليس واقعياً، ولا يطابق حقيقة مفادها أن "قواعد الاشتباك" السابقة أعيد إحياؤها. هذا ما يكشفه رد "حزب الله" المدروس في مزارع شبعا، والذي تحمله الاسرائيليون دون مبالغات دراماتيكية.
وعلى الرغم من نفي السيد نصرالله في خطابه الاخير، عادت الأطراف المعنية الى التزام "قواعد الاشتباك" السابقة، وأساسها "الهدنة" في الجنوب اللبناني، وعدم عودة الايرانيين ولا "حزب الله" الى منطقة القنيطرة أو أي منطقة أخرى في الجولان غير المحتل تكون محاذية لخط "فض الاشتباك" لعام 1974. وحده النظام في سوريا يحق له الوجود في تلك المنطقة، ومعه فصائل من المعارضة السورية سيطرت على نقاط ومخافر مواجهة لخط "فض الاشتباك" قبالة الخطوط الاسرائيلية ولم تخرق خط "فض الاشتباك"، ولم تقم بأعمال قتالية ضد اسرائيل على غرار ما كان حاصلاً لأربعة عقود مع النظام. كل كلام آخر عن تغيير في "قواعد الاشتباك" أو التموضع هو من قبيل دغدغة مشاعر جماهيرية لا أكثر.
إن الإيرانيين هم أكثر من يعرف أنهم يكسبون إن أحسنوا التصرف، فيما يهمّون بوراثة نظام حافظ الأسد في لبنان وسوريا معاً. إنهم يعرفون أن ثمة قواعد هم مجبرون على احترامها، بصرف النظر على الخطابين الرسمي والشعبوي.
الخلاصة: عودة الى ما قبل القنيطرة.