فعلها "حزب الله" ورد على الغارة الاسرائيلية من لبنان، مشعلاً الحدود الجنوبية بعد استهدافه آلية عسكرية من طراز "هامر" سقط على اثرها عدد من القتلى والجرحى في صفوف الجنود الاسرائيليين، فيما قتلت اسرائيل بقذائفها أحد جنود "اليونيفيل" من الكتيبة الاسبانية، وبذلك تحوّل السؤال "المعجزة" لدى الرأي العام من: أين ومتى سيرد الحزب إلى هل ستندلع حرب مشابهة بما جرى في "تموز - 2006" بعد اجتياز "حزب الله" الخط الأزرق واستهداف دورية اسرائيلية وسحب جثتي جنديين اسرائيليين.

يأتي الاستهداف تزامناً مع قيام الجيش الاسرائيلي بأعمال حفر وتنقيب في قرية زرعيت المجاورة للحدود اللبنانية بحثاً عن أنفاق لـ"حزب الله"، وقبل يومين من خطاب للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي بات لديه ما يشفي فيه غليل جمهوره بعد الغارة الاسرائيلية قضى فيها مجموعة من عناصر الحزب.

لا قرار أميركياً
يصف العميد المتقاعد أمين حطيط العملية التي تبناها "حزب الله" بـ"النوعية، نفذتها المقاومة في أرض محتلة وتعتبر من عمليات "الفئة الأولى" ذات البعد المزدوج الميداني والعملاني المباشر والاستراتيجي الكبير"، مشيراً إلى ان هذه العملية "تؤدي إلى تثبيت معادلة الردع، وتحرج اسرائيل وتفهمها ان محاولتها كسر هذه المعادلة ذهبت سدى وان القبول بالنتائج سيثبت المعادلة والانزلاق إلى تصعيد يرتد على اسرائيل سلبا".
في رأي حطيط أنه "رغم الخسائر التي وقعت في اسرائيل فان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يستطيع في هذه الفترة أن يتجه نحو حرب من دون قرار أميركي، وذلك لأسباب ومتغيّرات اقليمية ودولية، ويبدو أن القرار الأميركي متعذرا".

تحت السقف
يتفق العميد المتقاعد وهبي قاطيشا مع هذا الأمر ويعتبر أن العملية التي قام بها "حزب الله" لا تزال "بسيطة وتحت سقف التبادل الناري بين الطرفين"، مضيفاً: "اسرائيل سترد على العملية لكن في شكل محدود". وفي رأيه ان "حزب الله ليس في وارد استدراج اسرائيل إلى عمل كبير أشبه بحرب".
ويقارن بين العملية الأخيرة وما جرى في "حرب تموز 2006"، مذكراً بأن "حزب الله في عمليته السابقة اجتاز الخط الأزرق وقتل اسرائيليين وسحب جثثاً منهم، فردت اسرائيل بحرب تموز". قاطيشا يرى أن الحزب "لن يقدم بعد الآن على حرب مفتوحة مع اسرائيل على الحدود، قد يتحارب معها في الجولان أو بلغاريا او اوروبا او غيرها، عبر عمليات محددة، فضلاً عن أن "حزب الله" يدرك تماماً أن شعبه لم يتحمل مثل هكذا حروب، فضلاً عن بقية اللبنانيين الذين يرفضون هذا الوضع من اساسه".

مغامرة كارثية
أما العميد خليل الحلو فيرى في العملية "خطورة ومغامرة كبيرة"، ويقول: "اذا ردت اسرائيل في شكل محدود فنكون نجونا، ويكون حزب الله قد رد اعتباره وانتهت بجملة ردود من الطرفين، لكن إذا تخطت ذلك فستكون الامور كارثية".
ويوضح أن "اسرائيل كانت تضع حدود اللعبة، ومنذ سنة ونصف السنة إلى اليوم شنت غارات عدة على سوريا، استهدفت صواريخ "الياخوت" التي تشكل خطراً على اسطولها، وقصفت صواريخ "فجر 110" واستهدفت عناصر "حزب الله"، فهي ارادت ان تقول هذا النوع من الاسلحة المتطورة ممنوع وصولها الى لبنان وحزب الله".

عقيدة أرييل شارون
ويذكر بعقيدة أرييل شارون في الرد على لبنان والتي لا تقتصر الضربات وفقها على مواقع "حزب الله" فحسب، بل تشمل كل لبنان، وتكون باستهداف الكهرباء والمرفأ والمطار وسد القرعون ومواقع حساسة أخرى "تعيدنا إلى العصر البرونزي"، وبحسبه، "جاءت هذه العقيدة الجديدة بعدما فازت اسرائيل بالقرار 1701 الذي صنعته، فهي كانت تريد 17 الف جندي دولي في الجنوب ومنطقة عازلة لا وجود لحزب الله فيها، فأتت حرب تموز وفرضت القرار".

تتوقف إمكانية اندلاع الحرب المفتوحة بين الطرفين على "القرار الأميركي"، ويقول الحلو: "ايران اليوم تريد أميركا وضرباتها الجوية لداعش، وأميركا تريد ايران لأن جنوب العراق يغيب فيه أي وجود للحكومة بالمعنى الكلاسيكي، فهذه الحاجة المتبادلة تقتضي بأن لا تضرب اسرائيل حلفاء ايران في مناطق في لبنان او مناطق النظام السوري"، مضيفاً: "دائماً تقدم اميركا على لجم اسرائيل، وحتى الآن ما قامت به من رد على العملية أمر طبيعي تنفذه عبر مدفعيتها رداً على كل اعتداء، لكن المجهول يكمن بقرار خلية الأزمة والحكومة المصغرة التي لا ترد على أميركا".