صادقت محكمة القضاء الأعلى على قرار إدانة محمد رضا رحيمي النائب الأول للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، في ولايته الثانية، بالسجن لمدة خمس سنوات و91 يوماً واسترجاع أربعة ميليارات تومان ودفع غرامة مقدارها ميليار تومان، عقوبة على تورطه في ملفات فساد مالي عدة، منها ملف شركة إيران للتأمين المعروف بحلقة شارع فاطمي الذي يقع فيه المكتب المركزي لهذه الشركة.
وبالرغم من أن جميع المتورطين في هذا الملف تم اعتقالهم منذ أكثر من أربعة أعوام، وثم مثولهم أمام القضاء والحكم على عدد منهم بالسجن المؤبد، وكان منذ البداية معلوماً للقضاء، شراكة أو قيادة محمد رضا رحيمي لتلك العصابة، إلا أن وقوف الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى جانب مساعده الأول، حال دون استدعائه للقضاء، وأعلن نحاد حينها، بأن مجلس الوزراء هو الخط الأحمر، أنه لن يسكت إذا تعرض أعضاء حكومته لأي اتهام، في تحد سافر للدستور الذي يعتبر جميع المواطنين سواسية أمام القانون.
رحب أغلبية الأحزاب والشخصيات السياسية الإيرانية بحكم القضاء على النائب الأول للرئيس أحمدي نجاد، مشيدين بالقضاء، رغم أن عقوبة رحيمي، خفيف جداً مقارنة مع عقوبات زملائه في ملف شركة إيران للتأمين، الذين كانوا بمستوى موظفين عاديين، عند "النائب الأول للنظام" وفق تعبير رحيمي نفسه، الذي كان يعتبر نفسه، المساعد الأول للنظام الإيراني وليس الرئيس فحسب، في محاولة لتحجيم دوره في النظام، بغية الهروب من المثول أمام القضاء. هذا وكان هناك تهم أخرى موجهة للرحيمي غير التهمة المتعلقة بملف شركة التأمين وكان من الطبيعي أن يكون الحكم عليه أشد من حكم رفقائه في ملف التأمين.
وللأمانة يجب الاعتراف بدور عدد من النواب المحافظين، الذين تابعوا ملف المساعد الأول رحيمي، وطالبوا بمحاكمته وعملوا لفضحه، رغم أن رحيمي كان من رموز تيارهم، منهم أحمد توكلي وإلياس نادران.
جاء ردّ الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد،على حكم القضاء على نائبه، بأسلوبه المعروف، حيث يحاول الهروب إلى الأمام، وحث التراب على عيون الحقيقة، وخداع العوام من الناس، وألمح الأخير في بيانه، إلى أن التهم الموجهة لمحمد رضا رحيمي، مجرد تلفيقات وأكاذيب، فضلاً عن أنها لو كانت صحيحة، لاتمت بأية صلة بحكومته، حيث أن تلك التهم، تتعلق بفترة رئاسته على ديوان المحاسبات التابع لمحلس الشورى الإسلامي، وليست لفترة توليه نيابة الرئيس.
ويبدو أن أحمدي نجاد، نسي بأنه هو الذي هدد القضاء برد عنيف بحال استدعاء نائبه الأول فور توجيه تهمة الفساد المالي إليه من قبل المتحدث باسم القضاء.
ومن جانب آخر يمثل هذا الحكم الذي اعترض عليه نائب الرئيس السابق، رغم أن لايوجد مجال للاعتراض عليه بعد مصادقة محكمة القضاء الأعلى عليه، يمثل فضيحة كبيرة للنظام الإيراني، ودحضا لجميع الادعاءات الزائفة التي كانت ترى بأن حكومة نجاد، هي أنزه حكومة في تاريخ الحكومات الإيرانية، وسبق للمرشد الأعلى آية الله خامنئي، أن صرح بأن حكومة الرئيس أحمدي نجاد، هي أفضل حكومة في تاريخ إيران، كما صرح أية الله مصباح يزدي وعلماء آخرون بأن حكومة نجاد مدعوم من قبل الامام المهدي، أو أن فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية، كانت وليدة معجزات وكرامات.
وهاهي أكبر كرامات ومعجزات لأنزه حكومة في تاريخ إيران السياسي منذ ألاف من السنين.
وأخيراً هناك مقولة شهيرة لمحمد رضا رحيمي، أطلقها عند ما كان يتولى رئاسة ديوان المحاسبات، مخاطباً بها الرئيس محمود أحمدي نجاد قائلاً: خلال زيارتي لسوريا قال لي سوري، بأن لو كان يريد الله أن يبعث رسولاً بعد النبي محمد (ص) لكان هو محمود أحمدي نجاد.
ولم يمض وقت طويل حتى ارتقى رئيس ديوان المحاسبات، إلى مستوى النائب الأول لرئيس الجمهورية.