قبل ان يهبط باراك أوباما اليوم في الرياض قاطعاً زيارته للهند، ليقدم التعزية بالملك عبدالله بن عبد العزيز، ويعقد اول قمة له مع خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، كانت الوكالات قد تناقلت في شكل لافت صورة العلم البريطاني منكساً حداداً فوق قصر باكينغهام، في لفتة نادرة لكنها تمثّل رمزية دالّة تفسّر معنى هذا التدفق الدولي الكثيف على السعودية، فالعالم من أقصاه الى أقصاه حرص على تقديم التعزية ومصافحة الملك الجديد وولي عهده وولي ولي العهد.
صحيح ان الملك عبدالله وضع بصماته المؤثرة على ملفات خليجية وعربية واسلامية ودولية كثيرة، وان الملك سلمان له شبكة هائلة من العلاقات مع زعماء العالم، وانه تسلّم الآن طوفاناً من الملفات والقضايا الساخنة والمهمة دولياً، وأنه كان شريكاً مع الملك الراحل في معالجتها والتعامل معها، لكن تقاطر زعماء العالم الكثيف الى الرياض انما يشكّل ضمناً استفتاء دولياً على أهميتها الفاعلة وعلى حساسية دورها العميق على المستويات العربية والاسلامية والدولية.
قمة أوباما وسلمان تتناول قضايا ساخنة وملحّة في مقدمها طبعاً الحرب على الإرهاب وآليات عمل الائتلاف الدولي للقضاء على "داعش" الذي كان قد أنشئ في اجتماع جدة في آب الماضي، ولم يسجّل النتائج المتوخاة حتى الآن، أضف الى ذلك ملف العلاقات الأميركية - السعودية الذي اعتورته حديثاً علامات استفهام وتعجّب سببها تهافت أوباما على الاتفاق النووي مع ايران على رغم سلبية تدخلاتها الاقليمية في البحرين وسوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين.
واذا كان الملك عبدالله هو صاحب "المبادرة العربية للسلام" التي أقرتها قمة بيروت وقد أشار اليها أوباما في بيان تعزيته، فإن الملك سلمان سيكون متمسكاً بحل عادل للقضية الفلسطينية ينهي أزمة الشرق الاوسط ويشكل رافعة مهمة لكسب المعركة ضد الارهاب. ثم ان الملف الاقتصادي له اهمية متصاعدة في ظل الانخفاض المتسارع لأسعار النفط وتداعيات هذا الأمر على دول كثيرة وحتى على الاستقرار العالمي.
حرص أوباما قبل ان يصل الى الرياض على تأكيد أمرين:
أولاً ان السعودية شريك رئيسي لأميركا في مكافحة الإرهاب، وهو ما سهر عليه سلمان مع شقيقه الراحل ومن قبل مع شقيقيه نايف وسلطان. وثانياً ان للسعودية دوراً حاسماً في الاقتصاد العالمي، ليس لأن الراحل الكبير وضعها في صفوف العشرين الكبار (G20) بل لأنها صاحبة مبادرات حاسمة لحفظ الدورة الاقتصادية في دول كثيرة بينها لبنان وآخرها مصر. لقاء سلمان وأوباما فاتحة القمم بينهما، ولكن من الضروري التوقف ملياً أمام هذا "الحجيج السياسي العالمي" الى الرياض، الذي يؤكد الأهمية الطاغية للسعودية، ليس كمرجعية دينية ولا كقوة اقتصادية حاسمة فحسب، بل كلاعب كبير على المسرحين الاقليمي والدولي.