مما لا شك فيه ولا ريب ولا مرية في ذلك بأن خسارة الملك عبدالله بن عبد العزيز ، تكاد لا تُعوَّض لإستثنائية الرجل في خطه العروبي ، والتزامه بخط وقضايا الأمة ، من قضية فلسطين إلى ثورات الربيع العربي إلى خيارات الشعوب وحريتها وإرادتها ، إلى إهتمامه المباشر بالحوارات سواء كانت بين الأديان أم بين الحضارات والثقافات في مختلف المجالات من أجل أرساء قواعد التلاقي في سبيل تحقيق العيش والإستقرار والتقدم نحو الأفضل...
ونحن على يقين تام وهذا مما تعودنا عليه من خلال المسار العام للمملكة العربية السعودية وبشخص الملك الفقيد وبكل القادة السعوديين الذين أسَّسوا لمذهب سياسي ومدرسة سياسية لن تتغيَّر ولن تتبدَّل ، وخاصة على المستويات المتعلقة بالتنمية والإزدهار داخل المجتمع السعودي ، والمساهمة المستمرة في التنمية العربية بشكلٍ عام...لا إلى تأسيس أحزاب ومذاهب دينية من أجل مكاسب ضيقة ، إضافة إلى ذلك هو السلوك السياسي المتوارث بين الملوك السعوديين أنفسهم من خلال إنتهاج مذهب الوسطية إنطلاقاً من المفهوم القرآني في دعوته "وجعلناكم أمةً وسطاً" إضافة إلى نبذ التطرف والتعصب المذهبي ونبذ العنف والإرهاب ، وسعياً إلى العمل على تشجيع خيارات السلام في منطقةٍ أوسطيةٍ تعجُّ بها الحروب والقتل والدمار والخراب والتهجير والإذلال من كل حدبٍ وصوبٍ....من خلال هذا يمكننا أن نقول بأن سياسة المملكة هي سياسة قائمة على الإعتدال حتى مع خصومها ، وهي التي أسهمت وساهمت وتساهم في لبنان من دعمٍ لسياسات الإعتدال وتشجيع اللبنانيين بكل أطيافهم وأجناسهم على الحوار الدائم والمستمر فيما بينهم للحفاظ على وحدتهم وعلى مكتسبات السلطة الوطنية والدولة الجامعة....
ولهذا فإننا نرى أنَّ ما بين الملك الفقيد المغفور له عبدالله بن عبد العزيز وما بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بين عبد العزيز خطٌ واضحٌ وراسخٌ بنصرة الشعوب المضطهدة والمقموعة وطموحاتها وخياراتها من أجل العيش بكرامة..من هنا كان وقوفها ونصرتها لثورات الربيع العربي ودعمها المطلق من دون قيد أو شرط لقضية فلسطين ولقضية الشعب المظلوم ، والتي وقفت معه المملكة في كل الظروف والمعطيات والأسباب تحقيقاً لقيام دولة فلسطينية مستقلة.....فإن نهج المملكة العربي والإسلامي هو فضاء مفتوح على إمكانية إسترداد الوحدة التي عصفت بها العواصف المذهبية وعصفت بها رياح الفتن الطائفية البغيضة نتيجة لنمو الحالات الشاذَّة الإرهابية المتطرفة والمسيئة لعروبتنا ، ولنبينا العربي ، ولإسلامنا الحنيف ، ولكعبتنا المقدسة والشريفة....رحم الله الملك عبدالله وسدَّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لما فيه خير الأمة ولشعبنا العربي والإسلامي من أجل الوحدة والمحبة والتعايش في أمن وأمان من الحرب والفقر والظلم لتكون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.....
الشيخ عباس حايك