خطت اليمن خطوة ايرانيّة استبدلت فيها الربيع العربي بربيع فارسي في شتاء من الرصاص الذي أسقط ما تبقى من قصور رئاسية وثُكُنات أمنيّة وعسكريّة كانت حتى الأمس خارج السيطرة وكان الرهان عليها من قبل يمنيين غير حوثيين كبير جداً كما كانت تأمل دول اقليمية بصحوة ولو متأخرة لجيش القصر القادر على ايقاف الزحف الحوثي .
خسر المراهنون على جيش متوزع الولاءات وتفاجأ الكثيرون بأنصار علي عبدالله صالح الذي حالف أمير الحوثية وتبين للقاصي والداني أن الحراك اليمني في لحظة تخلي عن النظام كان مجرد أداة لقوى ممسكة بنسيج التركيبة القبلية وبالسيطرة الكاملة على المال السياسي الموظف في خدمة مشروع غير عربي لأن العرب كعادتهم لا يملكون مشروعاً وانما يملكون قدرة مجنونة على مواجهة خصومة مضرة بمصالحهم المباشرة ومتحكمة بسياساتهم الداخلية .
ماذا بعد سقوط المشروع الخليجي للحلّ السياسي في اليمن ؟ ماذا بعد الرئيس عبد ربه منصورالذي أصبح عبد عبد الملك الحوثي ؟ وما هو موقف الأمم المتحدة الراعية للعملية السياسية ؟ اسئلة كثيرة تبحث عن أجوبة بعد أن خلطت ايران أوراقها في بلد محكوم بحسابات سياسية وغير سياسية وخاصة جداً مع المملكة العربية السعودية المتضررة من يمن حوثي موالي لايران .
ان تجربة العراق ماثلة حتى الآن أمام من ظنّ أن هناك امكانيّة لهدنة عراقية فبيع العراق للجمهورية الاسلامية من قبل الولايات المتحدة ومن قبل الواقع العراقي المستسلم للسيطرة الايرانية أسّس لهزيمة نكراء للعراق أولاً وللمستفيدين من حكم العراق وتبين أن زود العراق بأحدهم يضر بمصالح العراقيين ولا يؤسس لمشروع دولة لطالما فنا العراقيّون أنفسهم بحثاً عنها ما بين ركام وكيماوي البعث .
من هنا يبدو أن تكرار تجربة العراق في اليمن سيفتح أبواب جهنم ويصبح للتطرف السُني أكثر من سبب مُغذ لانتشاره سريعاً في كل الدول وهذا ما سيضع اليمن ضمن ما يجري من تصفية حسابات اقليمية ورعاية مصالح تتجاوز البعد الوطني لتخدم مصالح هويّات تحاول توظيف فرص التحولات في البنية السلطوية العربية لصالح سماتها الخاصّة بحثاً عن مناطق نفوذ في خارطة أوسطية جديدة .
لقد دخل اليمن نفق الأزمة المظلمة ولا قدرة للداخل على توفير الحلول الممكنة في حين يملك القدرة الكاملة على توفير النار المطلوبة للحروب المتعددة الأشكال كما أن الخارج من دول اقليمية ودولية قادرة في مثل هذه الظروف على توفير البارود والنار ولكنها غير قادرة على تأمين الأجواء الايجابية لأن عمق الخلاف أكبر بكثير من تقاطعات تؤسس لحوارات جديّة يُبنى على أساسها النظام العربي الجديد .