لمن لا يعرف معنى كلمة شلشخون، فهو عبارة عن تجمع للغبار العالق في خيوط العنكبوت ويتواجد عادة في الزوايا المهجورة والأماكن المتروكة لمدة زمنية طويلة، ويتراكم وتزداد سماكته مع الوقت كلما بقي بعيدا عن عوامل خارجية تسبب ازالته، وكثيرا ما نجده في الاقبية والكهوف وحتى في المناطق الخلفية لاثاثات المنازل.
والجولان المحتل منذ عام 1967 والواقع غرب خط الهدنة بين نظام الأسد الاب وإسرائيل 1974 هو عمليا يشكل منطقة مهجورة بالمعنى السياسي، وبقي كل تلك الأعوام على هامش الهامش خلال الاحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة، ومن المعلوم ان الجهود الكبيرة التي بذلها نظام البعث " الممانع " في سبيل المحافظة على هدوء هذه المنطقة واستقرارها كانت تشكل الثمن المطلوب دفعه لاستمرار آل الأسد على عرش الحكم في سوريا.
صحيح ان الغارة الإسرائيلية على موكب قياديين لحزب الله قد أعاد الجولان الى الواجهة من جديد بعد طول غياب، بالخصوص ما لحق الغارة من اخبار وتحاليل صحفية تتحدث هذه المرة عن الجولان كجبهة مع العدو الإسرائيلي يمكن فتحها ولو على ايدي مقاتلي الحزب هذه المرة وليس على يدي الجيش العربي السوري المعني الأول بتحريره.
وهنا لا بد من تسجيل نقطتين متعلقتين بالحدث،
الأولى وهي تستوجب تسبيح وتمجيد الخالق مقلّب الأحوال، حيث وبلمح البصر قد اختفت من ادبيات الممانعين جبال عالية من التبريرات والمعاذير التي كانت حاضرة دوما ولاكثر من أربعين سنة وتُطلق كأجوبة بديهية في وجه سؤال عتيق لطالما سُئل عن تسكير هذه الجبهة، ابتداءا من الطبيعة الجغرافية الغير مؤاتية لاطلاق مقاومة ووصولا الى التوازن الاستراتيجي مع العدوالمحتل ، وغيرها من التبريرات التي اختفت الان بمقدرة قادر وصار الحديث عن فتح هذه الجبهة اوعلى الاقل التهديد به امر ممكن الحصول وبسهولة!
اما النقطة الثانية، هي التذكير لكل من يحاول خداعنا بالحديث عن فتح جبهة الجولان الان، بان بقاء بشار الأسد على عرش سوريا هو أولوية الأولويات في حسابات المصالح الإيرانية، مما يعني ان مجرد المس بخط الهدنة هذا يؤدي بشكل مباشر للمس ببقاء بشارالاسد، وان ما لم يكن مقدورا عليه أيام مخالب البعث الممسكة بكامل التراب السوري، هيهات ان يكون مقدورا عليه في زمن الوهن والضعف البعثي،
هذه الحقيقة التي تعرفها المقاومة " المفجوعة " جيدا، وتعمل وفق معالمها ولا يمكن ان تزيح عنها قيد انملة، تجعلنا متيقنين ان كل حديث عن تحريك الشلشخون عن الجولان لا يغدو اكثر من بروبوغندا إعلامية لن يكون لها مطرح على ارض الواقع، وان هذا الشلشخون المزمن باق باق باق .