مساء الخميس الماضي قال السيد حسن نصرالله لـ"قناة الميادين" ان "حزب الله" يملك اسلحة يمكن اسرائيل ان تتخيّلها وان لا تتخيّلها ايضاً. ومساء الأحد بعد العملية الاسرائيلية في القنيطرة، أجمع المراقبون على انه يمكن المرء ان يتخيّل وان لا يتخيّل ما سيجري، لكن بيان "حزب الله" أوحى انه سيعمل وفق النظرية اليهودية القديمة التي تقول "ان الثأر وجبة لا تؤكل إلا باردة".
واضح ان ساحة الثأر باتت تمتد من الناقورة الى الجولان، ففي حديثه الأخير قال نصرالله "إن الغارات الاسرائيلية على أهداف سورية عدة في الأعوام الاخيرة، يشكّل استهدافاً لمحور المقاومة وان الرد عليها أمر مفتوح في أي وقت"، ولهذا كان السؤال الأبرز بعد عملية القنيطرة، هل تندفع الأمور الى حرب شاملة بقواعد وديناميات عسكرية جديدة، وهل تعمّد العدو الاسرائيلي لحسابات عسكرية وسياسية، إفتعال هذه الحرب التي طالما تحدث أخيراً عن التحضير لها، الى درجة ارتفاع اصوات في تل ابيب تحذّر من مخاطر قيام "الجبهة الشمالية" ؟
قبل الحديث عن الحسابات العسكرية والسياسية وحتى الانتخابية الاسرائيلية، من الواضح ان ضربة العدو موجعة في إتجاه "حزب الله" كما في اتجاه ايران، فخسارة كوادر نوعية ليست سهلة على الحزب، ثم ان خسارة جهاد مغنية أبن عماد مغنية، مؤلمة حتى الصميم عند السيد حسن كما عند قاسم سليماني رجل ايران القوي، ومع نشر صوره امس تذكّر الكثيرون كيف وقف سليماني في عزاء والده وراح يقدّمه شخصياً الى كبار المعزّين، وليس غريباً ان يكون جهاد الذي تسلّم ملف القنيطرة أخيراً قد وضع على الطريق التي كانت ستجعله يتسلم المسؤوليات العليا التي تولاها والده الذي إغتيل في سوريا عام ٢٠٠٨.
العملية تأتي قبل شهرين من الانتخابات الاسرائيلية التي يخوضها نتنياهو لولاية رابعة، ويرى البعض انها قد تخدمه في كبح المخاوف المتصاعدة في الشارع الاسرائيلي من أزدياد قوة "حزب الله"، وخصوصاً عندما يتحدث السيد نصرالله عن ان صواريخ "فاتح ١١٠" سلاح قديم، وهو ما فسّر في تل ابيب بوجود معادلات جديدة كاسرة للتوازن.
كذلك وضعت العملية على ساعة استئناف المفاوضات النووية بين ايران والدول الغربية، في ظل مؤشرات قوية لرغبة الطرفين في التوصل الى اتفاق في آذار قبل نهاية فترة التمديد في تموز. أضف الى ذلك ان ضغوطاً متصاعدة من الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الاميركي تلوّح بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران، ومن شأن العملية الاسرائيلية ان تقوي هذه الضغوط.
وبالعودة الى السؤال الأساس: هل تندفع الأمور الى حرب شاملة قد يكون العدو الاسرائيلي خطط لها، أم ان الثأر سيكون هذه المرة وجبة كبيرة لكنها ستؤكل باردة ؟