بعد السلام وإلقاء التحية في اتصال هاتفي اجراه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برئيس مجلس النواب نبيه بري، حضرت التطورات الامنية في المنطقة، وأطلع عباس بري على اجواء اللقاءات التي عقدها مع عدد من المسؤولين الاوروبيين على هامش مشاركته في تظاهرة باريس رفضاً للاعتداء الدموي الذي تعرضت له مطبوعة "شارلي ايبدو"، واستغلال اسرائيل المناسبة من خلال تصدر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مشهد التظاهرة ضد الإرهاب بعد خروق سجلها الفلسطينيون في برلمانات اكثر من دولة اوروبية، لا سيما أسوج على طريق الاعتراف بدولتهم وعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
بعد انتهاء الحديث الهاتفي مع عباس، علق بري امام زواره على مذبحة الاسبوعية الفرنسية، عارضاً ما قام الفلسطينيون لإبراز عدالة قضيتهم أمام البرلمانات الاوروبية والمحافل الدولية مدى اعوام، معتبراً أن نتنياهو أراد في باريس تدمير ما حققوه ليلصق الارهاب بالمسلمين وينسي العالم شريط جرائمه الطويل. ولم يكتف بذلك بل دعا اليهود الفرنسيين الى مغادرة بلدهم والتوجه الى اسرائيل ليستوطنوا في الضفة الغربية.
بري الذي يتابع المفاوضات الاميركية – الايرانية حول الملف النووي استوقفه مشهد تنزه وزيري خارجية البلدين جون كيري ومحمد جواد ظريف على ضفاف بحيرة ليمان في جنيف التي يعرفها جيدا، وسبق ان ذكر قبل اكثر من شهر ان العدوين اللدودين "قطعا شوطا طويلا في مناقشة الملف النووي واتفقا على اكثر نقاطه".
وثمة من يأخذ رئيس المجلس الى "اسقاط" التفاهم بين واشنطن وطهران على قضايا المنطقة ومساهمته في حلول لها، ويمكن اختصار أجوبته كالآتي:
- ما يجري في المنطقة هو تركيز على البحث في الامور العالقة من افغانستان الى اليمن والعراق وسوريا وصولا الى لبنان. واذا كان من نتائج ايجابية للحوار الداخلي الذي بدأ من ابواب واسعة، فان مشكلاتنا تبقى في حجم اقل من الموجودة في بلدان اخرى.
- ان الحوار الجاري بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" سوف يستمر ما دامت الازمة قائمة في لبنان، مع السعي الدائم الى اجراء الانتخابات الرئاسية ومن دون الخوض في اسم الرئيس المقبل، وبالتالي التوجه الى المجلس لانتخابه من دون ان يكون الاسم معروفا. واذا استمر اللبنانيون على نهج الحوار يصبح في امكانهم التحضير خلال ايام للذهاب الى ساحة النجمة وانتخاب رئيس.
- ثمة تعويل على "تربة لبنانية خصبة" في انتظار ما يمكن ان يأتي من الخارج لتنغرز بذوره في "الارض" عندنا، وعلينا أن نكون جاهزين لهذا التطور والاستفادة منه.
وبالعودة الى "شارلي ايبدو" وما احدثته يرى بري ان اسرائيل هي المستفيد الأول من العمل الارهابي في فرنسا. وثمة قراءة اخرى في 8 آذار لهذا التطور لا تخالف رئيس المجلس في تحليله، بل تزيد عليه ان "11 أيلول الباريسي" وتداعياته الارهابية على المستوى الاوروبي هو نتيجة لعدم تدقيق بلدان اوروبية في مجريات الحدث السوري، من خلال مؤسساتها واجهزتها الرسمية والامنية. إذ إنها ساعدت أو غضت الطرف عن تنامي الجماعات الارهابية المتطرفة في سوريا والعراق وتفرجت على نشوء تنظيم "داعش" وتمدده في هذين البلدين، حتى دفع الاوروبيون الثمن الموجع ولا سيما منهم الفرنسيون، ووصلت حمى الارهاب الى عقر ديارهم لكنهم لم يستخلصوا العبر من سياساتهم حتى الان، بعدما سكتوا عن "قوافل المجاهدين" التي انطلقت من اوروبا الى الاراضي السورية.
ومن الملاحظات ايضا ان رد فعل بعض اللبنانيين على مذبحة المجلة الفرنسية كان منطلقه النظر بعين واحدة على غرار اوروبيين كثر يبالغون في اظهار حرصهم على الديموقراطية، مع ابراز احساسهم المفرط حيال الحريات والمساهمة في اجتزاء المشهد من غير اكتراث لحرية المعتقدات، ساكتين عن الاساءة الى الاديان تحت عنوان الحرية.