ليس سراً ان بين الدواعش الذين جاؤوا من الغرب وألتحقوا بصفوف أبو بكر البغدادي مجموعات من الذين يجيدون استعمال الكومبيوتر ووسائل الاتصال الحديثة، ولكن لم يكن أحد يتصور ان "داعش" يمكنها إختراق مواقع "البنتاغون". فقد نجحت مجموعة تدعى"سايبر خلافة" في قرصنة موقعي "تويتر" و"يوتيوب"، ونشرت شعاراً بالأسود والأبيض مع صورة إرهابي وعبارة "انا احب داعش" بدل الشعار المعتاد للقيادة العامة!
حدث ذلك عندما كان البيت الابيض يقدّم أعذاراً واهية، عن سبب تغيّب أوباما عن تظاهرة باريس، تبيٌن انها تتصل بمحاذير أمنية، على رغم ان هذه "المحاذير" واجهت ٤٤ زعيماً من العالم ساروا مسافة ثلاثة كيلومترات من "ساحة الجمهورية" الى "ساحة الأمة".
المثير ان عملية القرصنة إستهدفت القيادة العسكرية الوسطى، التي تشرف على الحرب الجوية التي تقودها أميركا ضد التنظيم في العراق وسوريا، من تامبا في ولاية فلوريدا، فقد ظهرت في موقع "تويتر" التابع لهذه القيادة عبارة " نحن هنا بالفعل نحن في داخل حواسيبكم الشخصية وفي كل قاعدة عسكرية".
لم يكن هذا اختراقاً الكترونياً شكلياً فقد نُشرت أرقام هواتف ضباط أميركيين ومعلومات تتعلق بكوريا الشمالية والصين، وعلى رغم قول "البنتاغون" إنه لم يتم الوصول الى معلومات مصنّفة، فقد أثار الأمر زوبعة في واشنطن التي كرّرت الاعتراف بأن "داعش" تملك مهارة عالية في الإلكترونيات ووسائل الدعاية!
في أي حال ليس من شك في ان واشنطن لا تنخرط جدياً في الحرب على "داعش" وإذا كان هناك من قتال جديّ ضد التنظيم الإرهابي فهو على أيدي الأكراد الذين يتجهون الى طرد "داعش" من كوباني، ربما ليتحّرق الأمبراطور اردوغان غيظاً وقد إستحضر أمس ١٢ قرناً من تاريخ الامبراطورية العثمانية وهو يستقبل الدمث والمتواضع "أبو مازن"!
حيدر العبادي أثار الحيرة السبت عندما دعا في القاهرة الى إيجاد منظومة عربية وإقليمية ودولية لمحاربة "داعش"، الذي يؤجج الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة، لكأن "الائتلاف الدولي" الذي أعلن أوباما انه يضم ٤٠ دولة فشل أو صار من الماضي، وان إعادة هيكلة الجيش العراقي تحتاج الى ثلاث سنوات، ومن المؤكّد انه في مواجهة العراقيل والصعوبات التي يضعها نوري المالكي لإسقاط التحقيق في الفساد الهائل الذي سيطر على عهده، لن يكون من السهل تكوين جيش عراقي فاعل!
على خلفية كلام العبادي في القاهرة إستيقظ الاميركيون فسارعوا أمس الى عقد اجتماع معه في بغداد قيل إنه لدعم عمليات الائتلاف الدولي والتنسيق بين الجانبين، ولكن ألا يخشى هؤلاء ان يخترق البغدادي الاجتماع كما اخترق القيادة الاميركية... انها مسخرة المساخر!