بغض النظر عمن يمكن ان تكون الجماعة التي تقف وراء جريمة المقهى في جبل محسن(جبهة النصرة او تنظيم داعش أو متفرقاتهما )فكل تلك الجماعات الإرهابية تعود إلى ذات المنبع الذي ينتج أفكارا تكفيرية وعقائد إرهابية تستهدف كل مقومات الحياه والقضاء على الإنسانية والإنسان بإستخدام أبشع أنواع الإجرام من قتل وذبح وتفجير وإرهاب.
إلا أن توقيت هذه الجريمة في هذه اللحظة بعد فترة الهدوء النسبي التي شهدها اللبنانيون قد تشكل مبعث قلق لديهم من بروز مستجدات على الساحة الإقليمية دفعت بهذه الجماعات الإرهابية إلى تنشيط مشاريعها التكفيرية وتحريرها عبر البوابة اللبنانية بعد الخسائر التي منيت بها على الساحة العراقية والساحة السورية.
فالتفجير الانتحاري في جبل محسن دفع باللبنانيين إلى التساؤل عما اذا كان هذا التفجير مؤشر إلى أن ألسنة الجديدة ستكون سنة عودة التفجيرات الانتحارية وكذلك سنة تحول لبنان إلى ساحة مواجهة عسكرية فعليه مع داعش وجبهة النصرة من شأنها ادخالهم في آتون الفتنة المذهبية والحرب الأهلية.
لكنهم لا يتبلغون أجوبة شافية عن تساؤلاتهم. فالحكومة اللبنانية العاجزة عن الحكم والدولة غير المكتملة شرعية مؤسساتها الدستورية والوقوع في مطب الفراغ الرئاسي الذي قارب الثمانية شهور ومجلس الوزراء الذي يتخبط دون ان يتمكن من اتخاذ قرار حاسم حول اي مسألة.
فكل هؤلاء ليسوا موضع ثقة الشعب اللبناني واجوبتهم المطمئنة على تساؤل اللبنانيين لا يمكن ان تؤخذ على محمل الجد. أما المواقف المتعلقة بهذا الأمر التي يسمعونها من دول المنطقة عربية كانت او غير عربية فلا توحي بالاطمئنان أيضا بالرغم من أن هذه الدول تؤكد في العلن عن حرصها على السلم الأهلي في لبنان وعلى تعزيز الأمن والاستقرار فيه واستمرارهما وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية مع أنها غاطسة حتى اذنيها فيها كما في شؤون دول عربية أخرى.
يبقى مواقف الدول الكبرى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية. فمع ان مسؤولي بعض هذه الدول تصارح اللبنانيين ان بلدانهم مع السلم والاستقرار في لبنان إلا ان ذلك هو من مهمة الشعب اللبناني وأن هذه الدول لا يمكن ان تقف بوجهه إذا قرر الانتحار وبالتالي لا تستطيع أن تفعل شيئا إذا دفعتهم غرائزهم ومصالح حلفائهم الاقليميين إلى الدخول في آتون حروب دامية قد تعيد عقارب الزمن عشرات السنوات إلى الوراء.
مصادر أميركية متابعة للوضع اللبناني بدقة قلقة من أن التطورات على الساحتين العراقية والسورية قد تدفع داعش إلى تغيير استراتيجيته وقد يكون عنوان التغيير فتح جبهة جديدة.
ومن مراقبة الأوضاع في المنطقة يبدو أن لبنان وتحديدا المنطقة الحدودية بينه وبين سوريا ستكون الجبهة الجديدة. ذلك ان تنظيم داعش قرر محاربة حزب الله الفاعل جدا ضده في سوريا مباشرة من أجل إجباره على العودة إلى بلاده والحرب المباشرة لا يمكن ان تكون إلا في لبنان.
حزب الله من جهته يشعر بهذا الأمر لذلك بدأ بالتحول إلى الدفاع في لبنان ومن مظاهر هذا التحول ذلك الحوار السياسي بينه وبين تيار المستقبل..............