تعتبر السجون في العالم وسيلة من وسائل العقاب للجناة والمجرمين وهي ايضا محطة للإصلاح الاجتماعي يشرف عليها اخصائيون لمواكبة مدى تقدم السجناء واستجابتهم للعلاج الاصلاحي والاجتماعي إلا أن السجون في لبنان وبالاخص سجن رومية أصبح بؤرة من بؤر الارهاب حيث اتخذته المجموعات الارهابية غرفة لعملياتها بمساعدة بعض العناصر و الضباط في قوى الامن الداخلي وأصبح السجن فيما بعد من أخطر غرف العمليات التي يستخدمها الموقوفين بتهم ارهابية عدة ويصدرون منه الاوامر بالاعتداءات والعمليات الارهابية بالقتل والاعدام و التفجير وأصبح السجن إمارة جديدة للمجموعات الارهابية المسلحة ومجموعات الخطف و السرقة والمخدرات وغيرها وباتت هذه المجموعات تهدد الوطن بأكمله , وبذلك أصبح سجن رومية من الخلايا الارهابية التي تهدد الامن والوطن من المجموعات الارهابية من جهة ومن جهة اخرى من العناصر والضباط المتعاونين معهم في قوى الامن الداخلي واستمر هذا المشهد طوال سنوات كانت الدولة وأجهزتها عاجزة أو تغض النظر بسبب تدخلات سياسية وقضائية عدة إلا أن ما حصل مؤخرا بعد التفجيرين الأخرين في طرابلس أثبت مسؤولية المجموعات الموجودة في السجن عن هذين التفجيرين فكان لا بد من القيام بعملية سريعة في معالجة هذا الخطر .
وبادر وزير الداخلية نهاد المشنوق الى تحمل السؤولية رغم الكثير من الاعتراضات فقرر فور خروجه من الاجتماع الأمني الذي عقده، الرئيس سلام، في دارته في المصيطبة، حل الموضوع وأبلغ المعنيين بجعل فجر الاثنين (السادسة والنصف صباحا) ساعة الصفر، وتم وضع قيادة الجيش في أجواء العملية (تم تشكيل غرفة عمليات بأمرة العميد شامل روكز).
وبالفعل، نفذت العملية فجرا «بطريقة محترفة ومتقنة من الدرجة الأولى» على حد تعبير وزير الداخلية، و «من دون أي نقطة دماء»، ونجح 190 ضابطا وعنصرا من «المعلومات» و «الفهود» في نقل 866 سجينا من المبنى (ب) إلى مبنى جديد محكم الضبط، ومجهزة غرفه بأبواب حديدية.
وقال الوزير المشنوق في حديث لصحيفة السفير أن الموقوفين سحبوا إلى المبنى الجديد فقط بثيابهم، ومن دون أية ممنوعات سواء أكانت هواتف خلوية أو غيرها، وأضاف: «ستجري عملية تأهيل شاملة للمبنى (ب) خلال ثلاثة أشهر، وبعد ذلك، نعيد السجناء إليه».
وردا على سؤال، قال المشنوق إنه إذا دخل جهاز هاتف واحد إلى المبنى الجديد للموقوفين «سيتم قص رأس الضابط أو العسكري المسؤول عن ذلك».
وشدد وزير الداخلية على أهمية استمرارية الإجراءات، وقال إن الجهاز الرقابي (التفتيش) في قوى الأمن الداخلي سيعطي أولوية لسجن رومية، ولن نسمح بعد الآن بتكرار تجاوزات أدت إلى ما وصلنا إليه قبل عملية الأمس.
وشكلت هذه العملية انتصارا كبيرا للدولة اللبنانية على المجموعات الارهابية المسلحة حيث بدا الارباك واضحا على هذه المجموعات وتحدث مراسل صحيفة السفير في دمشق مشيرا الى أن تنفيذ عملية رومية «أفقد «النصرة» توازنها وهي ترى انقلاب السجن من ورقة لها إلى ورقة عليها من دون أن تستطيع القيام بأي شيء، وربما هذا ما اضطرها إلى محاولة اللعب على أعصاب أهالي العسكريين عبر التهديد باتخاذ إجراءات قاسية بحقهم بغية دفع الأهالي للنزول إلى الشارع ومحاولة تشكيلهم الصوت المعترض على ما يجري في رومية».
انتهت «إمارة رومية»، في سياق قرار لبنان الرسمي بالانخراط في معركة مكافحة الإرهاب، لكن العبرة، كما قال وزير الداخلية، في الحفاظ على هذا الإنجاز لا سيما عبر تفعيل الرقابة على الضباط والعسكريين المولجين حماية سجن رومية، لضمان جدية الخطة واستمراريتها وفاعليتها، لأنه ليس خافيا على أحد أنه في حال حصول أي نوع من أنواع التراخي والإهمال، يمكن أن تولد من رحم المبنى الجديد (الموقت) غرفة عمليات جديدة لإدارة الإرهاب.