وأخيراً استفاق الغرب بعد سباتٍ طويل وأحسَّ بوجع الإرهاب الذي يضرب يميناً وشمالاً، وعاشت العاصمة الفرنسية واحدة من أسوأ أيامها بعد سلسلة الإعتداءات التي طالت أكثر من مركز فيها، فيما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بدا وكأنه يحاول الإختباء خلف إصبعه أمام الرأي العام الذي ظهر غاضباً وقلقاً وخائفاً من الأيام المقبلة وما قد تحمله من مفاجآت، لكنّ الأغرب في هذه المظاهرة أن يتقدمها رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو الذي يمارس إرهاب الدولة المنظم ضد الشعب الفلسطيني وما الحرب الأخيرة في غزة وما خلفت من دمار كبير وشهداء وضحايا وجرحى لخير دليل على إجرامه وإرهابه...
ومن يراقب هذه التظاهرة يرى فيها تناقضات كثيرة فكل من شارك فيها من رؤساء ومسؤولين يرى الإرهاب من وجهة نظره الخاصة، فرئيس وزراء العدو أراد أن يزايد على الدول الأوروبية ويقول لها إن الإرهاب الذي يتظاهر ضدّه هو الذي يقاومه في غزّة والضفة الغربية وأراضي 48، أراد أن يشبّه مقاومة الفلسطينيين بالإرهاب التكفيري الذي غذته الدول الأوروبية ورعته واشنطن، وها هو نتناياهو ينسّق مع جبهة النصرة وداعش في الجولان والقنيطرة.
إنها لمفارقة عجيبة غريبة أن يمشي نتانياهو راعي الإرهاب في العالم ليتظاهر ضد الإرهاب... إنه النفاق السياسي الكبير الذي يحاول التعمية على الإرهاب الحقيقي المنظم وغير المنظم... والسؤال السياسي الذي يطرح نفسه هو: لماذا استفاق الغرب الآن؟ هل لأن الموسَ قد وصلت الى ذقنه؟ ألم يشاهد الإرهاب الذي يضرب العراق وسوريا وفلسطين منذ أربع سنوات ونيّف...
إن الغرب يمارس النفاق السياسي لتهدئة شارعه الذي انتفض بالأمس رافضاً أن تتحول بلادهم الى أرض جهاد ونصرة... فهل تنجح هذه الطبقة السياسية الحاكمة في الغرب في تجاوز هذه المرحلة الصعبة؟ أم أنّ هذه الأحداث ستطيح برؤوس كبيرة وأهمها هولاند الذي بدا ضعيف الموقف ومرتبكاً أمام ما يجري؟