عاودت الديبلوماسية الفرنسية نشاطها لحل أزمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية فعاود مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا جان فرنسوا جيرو نشاطه الأسبوع الماضي خلال زيارة قام بها الى طهران للبحث في آخر تطورات الملف الرئاسي اللبناني مع المسؤولين الايرانيين، وسيتوجه الأسبوع المقبل الى الرياض ثم الى الفاتيكان على أن يختتم جولته المكوكية في لبنان.
وتتركز جهود الديبلوماسية الفرنسية التي تحظى بدعم أوروبي وأميركي وإقليمي حسب مصادر مطلعة أولاً على أنها القوة المؤثرة الوحيدة التي تعول على نافذة ديبلوماسية إقليمية قد تؤدي الى حل للأزمة اللبنانية المستعصية، ولأنه لا يمكن القبول بإستمرار الفراغ الرئاسي من دون أي تحرك، وثانيًا لأنها الطرف الوحيد الذي يستطيع التحادث مع جميع الأطراف في الخارج، وثالثاً لتأثيرها في الوضع الداخلي اللبناني من أجل دفع المعسكرين المتواجهين الى التوافق على رئيس ينهي حال الفراغ على رأس الدولة اللبنانية، ورابعاً لأن باريس ليس لديها مرشح تدعمه وتعول على توافق اللبنانيين على مرشح إجماع.
وتسعى باريس من خلال تحركها حسب المصادر إلى اخراج لبنان من سلة الأزمات الشرق أوسطية، لأن الدولتين الإقليميتين العرابتين للبنان تعتبران أنه أصبح ملحاً إيجاد حل للفراغ الرئاسي وفتح الطريق المسدود التي علق فيها الوضع اللبناني من جراء الازمات الإقليمية لأن استمرار هذا الوضع على حاله قد يهدد الاستقرار الداخلي.
والحل اللبناني المنشود حسب المصادر ليس سهلاً بالنظر الى العقد المحلية التي تعوق حتى الآن الانتخابات الرئاسية. وهي تعتبر ن ثمة خريطة طريق تؤمن التوصل الى التوافق بالنظر الى توازن القوى الداخلية والمواقف الأقليمية من المرشحين، والحل قد يبدأ تالياً بتأمين نصاب جلسات انتخابات رئاسية مفتوحة حتى التوصل الى مرشح التوافق الذي يؤمن الأكثرية المطلوبة لانتخابه.
غير أن هذه المصادر تدرك انه قبل توافر النصاب القانوني والتوافقي يعود الى اللاعبين اللبنانيين التوافق على "سلة" تحوي اسم الرئيس المقبل واسم رئيس الحكومة المقبل للعهد الجديد وتحدد أوزان القوى التي ستشارك فيها وشكل القانون الجديد للانتخابات، وأخيراً موعد الانتخابات النيابية.
وتأمل باريس أن يؤدي الحواران بين "حزب الله" و"المستقبل"، كما بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع الى نتائج إيجابية قبل وصول جيرو الى بيروت في النصف الثاني من الشهر الحالي بما يدفع الفئات المشاركة الى ازالة العقبات القائمة أمام انتخاب رئيس للجمهورية بتأمين النصاب والتوافق على "السلة" بكاملها، وهذه ليست بالعملية السهلة بل تحتاج الى مزيد من المشاورات الداخلية والإقليمية لتشجيع المعسكرين اللبنانيين على حل أزماتهم الداخلية لئلا ينزلق لبنان الى أزمات المنطقة.
وقد يقوم جيرو خلال زيارته للبنان بعد جولته الإقليمية والفاتيكانية بتقويم معمق مع الأطراف الداخليين لما جرى خلال جولته على العواصم المؤثرة داخلياً للبحث في المخارج، وسينقل اليهم المخاوف على الوضع الحكومي باعتبار ان استمرار الفراغ الرئاسي قد يشكل خطراً على قدرة الطبقة السياسية اللبنانية على الاستمرار في إدارة الأزمة. ولدى باريس اقتناع بأن اللبنانيين لن يستطيعوا بأنفسهم الخروج من الطريق المسدود وانتخاب الرئيس العتيد.
(سمير تويني)