انتقل الاجرام سريعا من العاصمة الفرنسية باريس الى منطقة جبل محسن وطرابلس في شمال لبنان، حيث نفذ انتحاريان جريمة ارهابية جديدة طالت مواطنين ابرياء حتى ولو ادعّى المنفذون والمخططون انهم استهدفوا احد المتهمين بجريمة تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس قبل حوالي العام والنصف.
فكلنا يعلم ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته وان الدولة واجهزتها الامنية هي المعنية بالاقتصاص من المجرمين ولا يحق لاحد تفجير مقهى برواده وقتل وجرح العشرات انتقاما لتفجير اخر.
وقد احسن قادة وزعماء مدينة طرابلس والشمال عندما ادانوا التفجير ورفضوا منطق الثأر وعندما اعلن اهالي حي المنكوبين( وهو الحي الذي خرج منه الانتحاريان) واقرباء الانتحاريين رفضهم اقامة العزاء لهما وتضامنهم مع اهالي جبل محسن.
كما احسن قادة واهالي جبل محسن عندما تعاطوا بوعي وهدوء مع الجريمة ورفضوا الانجرار وراء ردود الفعل او القيام بتفجير محاور جبل محسن –طرابلس ردا على الجريمة.
كما احسن قادة وزعماء لبنان وكافة المسؤولين عندما سارعوا للادانة والاستنكار وزيارة منطقة جبل محسن للتضامن مع اهلها والتحقيق في الجريمة واكتشاف المنفذين وتحديد الجهات التي تقف خلفهم.
كما احسن زعيم تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري عندما اعلن ان مؤسسة الحريري ستتولى اعادة بناء ما تهدم وتصليح الخراب الناتج عن التفجير وهي مبادرة رائعة لتأكيد التضامن الحقيقي مع اهالي جبل محسن.
ومن جبل محسن وبيروت و طرابلس والى باريس كان الموقف موحدا لرفض الاجرام والارهاب، لان المجرم واحد والمعركة واحدة، وان التضامن العالمي مع فرنسا يؤكد وحدة الموقف وان كان لا بد من التحفظ على مشاركة رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو في مسيرة باريس لانه الوجه الاخر للاجرام والارهاب.
لكن المهم اليوم ان نعمل جميعا للاستفادة من هذه الفرصة وتحويل الجرائم الارهابية الى دافع للتفكير بشكل معمق في كيفية مواجهة الارهاب والعنف الذي يتنقل في دول العالم وقد اصاب عالمنا العربي والاسلامي بشكل كبير.
لا بد من التأكيد مرة اخرى ان مواجهة الارهاب والعنف يحتاج الى جهد دولي وعربي واسلامي متكامل فكري وثقافي واعلامي وامني وسياسي وان الاسراع بتسوية الصراعات في المنطقة والبحث عن حلول سياسية لكل الازمات مع ضمان حقوق الشعوب جميعا ولا سيما الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الاخرى وايجاد مواثيق عالمية تحدد الارهاب وترفض الاساءة للاديان والمقدسات مع احترام حرية التعبير قد يكون المدخل الحقيقي لمواجهة الارهاب والعنف.
قاسم قصير