بلغ الارهاب ذروته في العالم بعد أن أثبت قدرته وفعاليته منذ 11 أيلول وحتى اللحظة التي استدعت قيام حلف دولي بقيادة الولايات المتحدة وحضور أكثر قيادات الدول للمشاركة في مسيرة فرنسيّة مندّدة بالارهاب الذي ضرب أمس فرنسا ويضرب حيث تستطيع يده الوصول الى دول دولية أو اقليمية .
لذا لا نستطيع التعاطي مع الارهاب كاستثناء يمرّ من هنا أو هناك خدمة لمصالح متعددة في ظل أزمات مستفحلة في منطقة الشرق أوسط بدءّا من الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الى الصراعات الداخلية في أمصار عربية متعددة وتعدُد الأطراف المعنيّة بها كقوى مشاركة فعليّاً في حروب من شأنها التأسيس لمستقبل سياسي جديد يتيح خارطة تحالفات وأدوار اقليمية جديدة أيضاً .
كما لا يمكن التعاطي مع الحروب القائمة وبأشكالها المختلفة بمواقف كلاسيكية لا تقدّم ولا تؤخر من طبيعة الأحداث التي تفرض تعاطيّاً جديّاً مع حالة أصبحت هاجساً دولياً وليس مجرد جماعة ملتحيّة تبحث عن مسجد لاقامة صلاة الجماعة .
لهذا يمكن مجاراة الولايات المتحدة في توصيفها للجماعات الاسلامية " الجهادية " بالارهاب ولكن هل تسمية هؤلاء بأنهم أهل الارهاب يحل جذور المشكلة ؟ أعتقد أن الارهاب عندما يصبح قوّة عالمية قادرة على ضرب مصالح استراتيجية لأكبر مكونين دوليين أمريكا وأوروبا عوضاً عن مصالح اقليمية والسيطرة على أرض أكبر من مساحة المملكة المتحدة ويعيش تحت سقف سلطتهم كتلة شعبية أكبر من تعداد سكان فلندا .تماماً كما هو حال الدولة الارهابية " اسرائيل " لطالما وصفها الواصفون بأوصاف ونعوت مختلفة ولكن ذلك لم يلغ من حقيقة أن هذه الشرذمة الوافدة من كل صقاع الأرض وهذه العصابات التي ارتكبت أبشع المجازر ومازالت وهذا الاحتلال لأرض وشعب . هي أهم دولة اقليمية ومتقدّمة على الجميع ويقف خلفها وأمامها أعتى الدول في العالم ويحرسها المجتمع الدولي حراسة الأم لطفلها الوحيد.
على المجتمع الدولي أن يصغي جيداً لوجهات نظر داخل قيادات الرأيّ في الغرب لتصحيح خلل في الادارة الدولية أسهم وأسّس لازدياد مواليد التطرف في الشرق عموماً وفي العالم العربي والاسلامي خصوصاً وجعل من المجتمع البشري العربي أرضاً خصبة لسيطرة المفاهيم والثقافات والأحزاب المتطرفة .
ان بقاء الغرب على موقفه من حماية ورعاية الدول الارهابية وفي مقدمتها " اسرائيل " وتعطيل تطور المجتمع السياسي الاسلامي – العربي من خلال حماية مصالح له داخل الأوعية السلطوية المستبدة وتغذية أسباب الارهاب سيزيد من رصيد الاسلام الجهادي وسيدفع حتى بالعلمانيين العرب والمسلمين أو ما تبقى منهم الى الالتحاق بالمتطرفين لأن ميزان القوّة مائل لصالح الاسلاميين من لحى داعش والنصرة .
لقد قتل الغرب وسياسات الادارة الامريكية تحديداً المشاريع الليبرالية والعلمانية في العالم الاسلامي والعربي وسهلت للجهاديين فرص السيطرة على مراكز القوّة المباشرة في المجتمعات وهي بذلك أحيت المشروع الاسلامي ببعده التاريخي لا الحضاري وأصبح من الصعب مقاومة استعمارين واحد دنيوي وآخرديني من قبل الخارجين عن السلطويات المدعومة من الغرب سواء كانت في الحكم أو موجودة في المعارضة .
ربما يدفع الارهابيون بالغربيين الى التفكير ولو لمرة واحدة بطريقة مختلفة وتصغي الولايات المتحدة لا الى أصواتنا الاسلامية والعربية بل الى أصوات نخب من داخل اداراتها لطالما حمّلتها مسؤولية الارهاب الذي يضرب الغرب نتيجة لسياسات واشنطن الخارجية .