بعد الهجوم الخطير والمستنكر على مجلة شارلي ايبدو انتقلت المعركة الى قلب اوروبا ولم تعد المعارك محصورة في العالم العربي والاسلامي.
وها هي المجموعات الاسلامية المتطرفة تتجول في باريس ومناطق فرنسية اخرى وتنفذ عمليات القتل والخطف والارهاب بعد ان عانى منه العرب والمسلمون في العديد من الدول.
ولن نغوص في الاسباب التي ادت لوصول هؤلاء المتطرفين الى قلب اوروبا بعد ان نشروا الرعب فيما بيننا، لكن لا بد من متابعة النتائج التي قد تؤدي اليها هذه التطورات وخصوصا على صورة الاسلام والمسلمين في الغرب وعلى دور المهاجرين من اصول عربية واسلامية الى فرنسا واوروبا وكذلك على مستقبل الصراع مع التطرف الديني في العالم.
وعلى الصعيد المباشر فقد بدأت الانعكاسات السلبية على المهاجرين من اصول عربية او اسلامية من خلال ازدياد الاجواء العنصرية والحملة ضد الاسلام والمسلمين واطلاق النار على المساجد، رغم بروز دعوات اوروبية تدعو للتمييز بين المتطرفين والمسلمين وترفض المنطق العنصري.
وفي موازة هذه الاجواء السلبية بدأت الصحف ووسائل الاعلام واجهزة المخابرات ومراكز القرار في اوروبا واميركا تدرس ابعاد ما جرى والدلالات الخطيرة لهذه الاحداث واحتمال انتقالها الى مناطق اخرى وكيفية مواجهة هذه المخاطر وانتقال دور التنظيمات المتطرفة الى الغرب.
وفي هذا الاطار نستعيد اطروحة قدّمها المفكر السوري الدكتور الطيب التيزني في مؤتمر لمؤسسة اديان قبل شهرين تحت عنوان: هل يمر توحيد العالم عبر داعش؟
واعتبر الدكتور التيزني في اطروحته :ان مواجهة التطرف والعنف في العالم لا يمكن ان يتم الا من خلال وجود تحالف دولي حقيقي يعمل من اجل السلام والديمقراطية ويرفض الظلم والاستبداد بشرط ان لا يميز بين دولة واخرى وان ينتهج سياسات متوازنة تجاه كل شعوب المنطقة.
واليوم وبعد انتقال المعركة الى باريس وقلب اوروبا اصبح من الضروري على مفكري العالم واصحاب القرار ان يعيدوا النظر بافكارهم وقراراتهم ومواقفهم حول كيفية مواجهة التطرف والعنف وان لا تكون المعركة مقتصرة على جانب من العنف وان تكتفي بالعمل العسكري والامني التقليدي ، فهذه المعركة سياسية وفكرية ولا بد من نشر العدل والسلام لان ذلك هو الطريق الصحيح لمواجهة التطرف، اما اللجوء الى اجراءات امنية وعسكرية والاستمرار في تغذية الصراعات في مناطقنا فان ذلك سينتقل لاحقا الى كل العالم ولن تبقى اضرارها مقتصرا علينا.
نحن اذن بحاجة لورشة فكرية وسياسية دولية واقليمية وعربية واسلامية للبحث بمخاطر ما يجري ولعل هذه الاحداث تساهم في بلورة رؤية موحدة امواجهة داعش وكل اشكال التطرف والعنف.
قاسم قصير