يكاد لا يخلو حدث في أرجاء المعمورة وفي أربع رياح الأرض من آثار للاصابع الأميركية فيه.
إما بالتدخل المباشر او بالواسطة عبر عملاء لها يحركون مجريات الأحداث بالاتجاه الذي يخدم المصالح الأميركية. فالولايات المتحدة الأميركية التي حققت انتصارا باهرا في الحرب الباردة ضد عدوها اللدود الاتحاد السوفيتي وحلفائه الذين يدورون في فلكه بعد الانهيار الداخلي المريع الذي مني به وعلى كافة الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسة والعسكرية وحتى الاجتماعية أعطت لنفسها ألحق بتولي زعامة العالم وحق التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة في اي بقعة من بقاع العالم وحق استخدام كافة الوسائل (وهي طبعا وسائل غير مشروعة ) لترتيب نظمها واوضاعها وتحديد الاتجاهات السياسية لتلك الدول بما يخدم الاستراتيجيات الأميركية.
والوسائل التي تستخدمها الولايات المتحدة من خلال تدخلها تبدأ بالدبلوماسية المراوغة مرورا بالضغوط الاقتصادية والأمنية من خلال خلق بؤر أمنية لضرب الأمن والاستقرار ومن ثم استعمال القوة العسكرية بالنيابة حتى تصل إلى التدخل العسكري المباشر بعد إنشاء تحالفات دولية تشكل غطاء شرعي لهذا التدخل حتى تتمكن من السيطرة والهيمنة وفرض الشروط بما يحقق لها أهدافها وغاياتها.
ومهما تنوعت الشعارات وتعددت العناوين التي ترفعها الولايات المتحدة كمبررات للتدخل في اي حدث دولي والتي تندرج بين الدفاع عن الشعوب في حق تقرير مصيرها وضرب الأنظمة الديكتاتورية ألتي تقمع شعوبها وتصادر قراراتها وحفظ حقوق الأقليات الدينية او العرقية وحق الإشراف على الأمن العالمى ودرء الأخطار الإرهابية التي تهدد السلامة العامة.
إلا أن التاريخ الأميركي أثبت حقيقة واحدة وهي. أن الذي يحدد الاستراتيجيات الأميركية هدف واحد وهو رفاهية المواطن الاميركي. فالسياسات الخارجيه الأميركية تعتمد على الفكر الاستعماري للدول والاستغلالي للشعوب وهو مبدأ قديم مارسته الدول المتفوقة عسكريا وتكنولوجيا على الدول الفقيرة والناشئة حيث كانت تغزوها عسكريا وتحتلها جغرافيا وتضع يدها على كل مرافق الحياة فيها بغية إستثمار مواردها الطبيعية والبشرية.
وقد عملت الغرف السوداء في وكالة المخابرات الاميركية على تطوير هذا الفكر الاستعماري من الغزو العسكري والهيمنة والسيطرة بقوة السلاح الى غزو ثقافي واقتصادي وامني ولا يهدف إلى الاحتلال العسكري وسرقة موارد هذه الدول خلال فترة الإستعمار فقط بل انه يعمل على تدمير المجتمعات وضرب كافة وسائل الانتاج فيها ورهن موارد هذه الدول لعشرات السنوات التالية وذلك من خلال إشعال نار حروب إقليمية وضرب الأمن والاستقرار فيها وتحويلها إلى بؤر أمنية ملتهبة وخلق أزمات ومشاكل اقتصادية حادة ومعيشية فيها مع انعدام إمكانية التوصل إلى حلول سياسية لهذه الأزمات لخلق واقع جديد لا يقوى على العيش والاستقرار دون رعاية أميركية.
ولم تكن منطقة الشرق الاوسط بمنأى عن هذه الاستراتيجية الأميركية وهو الأمر الذي عبر عنه غير مسؤول أميركي منذ أكثر من عقدين وهو جر المنطقه إلى ما اطلق عليه بالفوضى الخلاقة في دول الشرق الأوسط للتوصل إلى نظام جديد له يخدم الاستراتيجيات الأميركية البعيدة المدى.........