جريمة قتل الصحفيين في فرنسا مدان ديناً وقانوناً وحقوقاً والأشدُّ إدانةً الاعتداءُ على المقامات والرموز الدينية التي لها قُدْسيّة في حضارات الشعوب،فالدول الغربية أغنَتْ الساحة الإعلامية بفائض الحريّة مع فقدان السقف،فتلك الصحف لا تفرّق بين إهانة دين وآخر،فبالأمس القريب رسموا كاريكاتور مسيئ للسيد المسيح عليه السلام ولم تحدُث ضجّةً في الجسم المسيحي تستلزم انتفاضةً،وهذا دليل وعي ونضوج. ولكنّنا كمسلمين نثور على كل من كَتَبَ وَرَسَمَ ما يعتبرونه إساءةً فيما الراسمُ والكاتبُ يعتبره فكرةً ورأياً لا يُحْجَرعليه.
فعلى المسلمين أن يتّسع صدرُهم للنقد والنقض. فالنبي عليه السلام قالوا عنه بحياته بأنه ساحر مجنون واتَّهَمُوه وكذَّبُوُه وضربوه وتكلموا ونالوا من عرضه وشرفه،فقابل ذلك بالدعاء( اللهمَّ اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون) لذا قال عنه ربه( وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم).فليس كل من كال لنا الشتائم نردّ بشتيمة أكبر وأنكَر وأفظع.
وجريمة القتل للصحافيين تضرُّ بمصالح الجالياتِ المسلمةِ بأوروبا وأمريكا وأستراليا،وسيكون لها تداعيات على مستوى النقاب والحجاب وتشديد إجراءات الهجرة وغيرها من القوانين. إضافة الى التضييق على المساجد والمراكز الإسلامية،فلعلَّ الفرنسيين يعتبرون هذا الاعتداء يوازي أحداث 11 أيلول2001،فنعود مجدداَ لعملية بناء جدار التواصل والتعايش والحوار وقبول الآخر،وبعد أحداث أيلول طار العراق وأفغانستان،فيا خوفي من الحدث الفرنسي أن نرى المفوض السامي شارل ديغول في ليبيا...
وكان الأولى غضُّ النظر عن الكاريكاتور المسيء وعدم تناوله وتذكير الناس به،عندها يموتُ الخبر ومفاعيله ويُصبح حينها بضاعةً كاسدة.والرد العنفي سيشجع صحفاً أخرى للتجرؤ على الرسم المسيء من باب النكاية وهنا ندخل بصراع بغنىً عنه وأضعف من أنْ نواجَهَهُ.
فالمراهقون والمتشدّقونَ في الدِّين يُورِّطون الأمّة ويغرقونها في المستنقعات يصعب القيام منها والنهوض من جديد.فالإسلام بغنى عن حميَّتكم وحماسكم المشبوه.ولا يمكننا التصفيق للجريمة فلعلَّ جهات أمنية عالمية قامت بذلك لتورّط المسلمين في الغرب،من أجل تسميم العلاقة الإسلامية المسيحية والغربية والشرقية...فهل سنتّعظ؟
صالح حامد
رئيس جمعية الفكر والحياة