تراوح قضية التفاوض بشأن العسكريين المخطوفين مكانها، من دون الوصول الى أي ثغرة يمكن النفاذ منها الى حل جذري يؤدي الى الافراج عنهم.
ويستمر الأهالي أسرى حكومة تتخبط بعجزها عن حسم أمرها في تكليف وسيط هنا أو هناك، أو اتخاذ قرار نهائي حول مرجعية التفاوض وآليته وشكله، ووزراء يكتفون بتوزيع «جرعات وهمية» من التفاؤل، وتنظيم إرهابي طاب له التحكم بالدولة والشارع فتتناوب مجموعاته على التحكم بمشاعر أهالي المخطوفين وفي تقديم مطالب عبر وسطاء يتم استقبالهم من دون أن يصار الى الاعتراف بدورهم رسميا.
وعلمت «السفير» أن آخر مطالب تنظيم «داعش» هو تشكيل لجنة قوامها عضو «اللقاء السلفي» الشيخ وسام المصري ومندوب عن كل من: الرئيس سعد الحريري، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لكي تتولى المفاوضات بشأن إطلاق سراح العسكريين المخطوفين.
وقد تم إبلاغ المصري بذلك عبر اتصال ورده قبل يومين من أحد قادة «داعش» في جرود عرسال، وهو سارع الى إبلاغه فورا الى الجهات المعنية.
واللافت للانتباه أن الحريري وجنبلاط وجعجع كانوا تلقوا معا تهديدات في شريط الفيديو الذي أرسله «داعش» مع المصري، عشية رأس السنة، لتعميمه على وسائل الاعلام، ويظهر فيه ثلاثة من العسكريين تحت حد السكين، وأحد القياديين يتحدث بلغة فرنسية ويؤكد أن مصيرهم مع الآخرين بأيدي المسؤولين اللبنانيين الثلاثة، ناعتا إياهم بأنهم «عملاء فرنسا»!.
وقد ترك هذا التطور سلسلة تساؤلات حول: كيف يهدد «داعش» الحريري وجنبلاط وجعجع ويتهمهم بالعمالة لفرنسا، ثم يطلب مندوبين عنهم ليكونوا في لجنة التفاوض؟ وهل أن الخاطفين هم على رأي واحد؟، أم أنهم تحولوا الى مجموعات لكل منها رأيها في القضية؟ ومن هي الجهة الحقيقية التي تفاوض؟ ومن هي الجهة التي يتعامل معها الشيخ وسام المصري؟ ومن هي الجهة التي كلفت أحمد الفليطي (نائب رئيس بلدية عرسال)؟ وأين «جبهة النصرة» من كل ما يجري؟
وماذا أيضا عن الحرب التي يخوضها «داعش» ضد «النصرة» وغيرها من الكتائب للسيطرة على منطقة القلمون على طول الحدود مع عرسال وجوارها وجردها؟ وهل أن كل ما يجري هو مجرد تمرير للوقت لحين انتهاء «داعش» من بسط سيطرته على الجرود، بما يمكنه من فرض شروطه ومطالبه بشكل نهائي؟ وهل تؤدي التطورات الميدانية بين مجموعات الخاطفين الى دفع ملف العسكريين في الاتجاه الايجابي كما جرى في قضيتي أعزاز وراهبات معلولا (التناغم بين التفاوض ومعطيات الميدان المتحرك)؟.
يؤكد الشيخ وسام المصري لـ«السفير» أنه قام بكل ما طلب منه سواء من قبل الدولة اللبنانية أو من قبل «داعش»، ويقول: «أحضرت ورقة المطالب والتعهد بعدم التعرض للعسكريين»، ويشير الى أن الدولة اللبنانية طلبت منه أن تكون ورقة المطالب مختومة بختم «الدولة الاسلامية»، «لكن الخاطفين رفضوا ذلك، وأكدوا لي أنهم لم يصدروا أي بيان تكذيب أو توضيح لما قاله في مؤتمره الصحافي الأخير (في خيم أهالي العسكريين في وسط بيروت)، ما يعني أنهم يتبنون كلامي بالكامل».
ويقول المصري: «أنا جاهز للاستمرار في مهمتي التفاوضية، ولكن أكرر أن على الدولة اللبنانية أن تحسم أمرها إما بتكليف اللجنة (الثلاثية) التي طلبها الخاطفون، وإما أن تكلف شخصا آخر، أو أن تكلفني رسميا، لكنني لن أصعد مجددا الى جرود عرسال إلا بتكليف رسمي من الدولة التي أصبحت الكرة الآن في ملعبها».
وقال المصري لـ «المركزية»، إن «الحكومة لا تعطي تفويضاً رسمياً لأحد وهي لم تعطه لا للوسيط القطري ولا لهيئة العلماء المسلمين»، مشيراً إلى أنه كان على تنسيقٍ كاملٍ مع مكتب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، «لكنني في الوقت الحالي قررت عدم التحرك إلا ببيان رسمي من الطرفين، وسأبقى جانبا، حتى نيله». وأشار إلى أن ما يعرفه أن لا اتصالات أو تواصل بين نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي وبين «داعش»، وقال: «ربما يكون (فليطي) على اتصال مع النصرة».
وأوضح أن الراهب أنطوان ضو كان يريد زيارة «داعش» في الجرود، «وهو نسق هذه الزيارة معي، ومهدت له الطريق، وكانت «داعش» تعد له استقبالا ممتازاً، لكن الزيارة علقت لأنني قررت تعليق وساطتي ووقف الزيارات إلى الجرود، كما أن الجهات الأمنية قلقت على صحة ضو بسبب سنه المتقدم».
المصري.. و«حزب الله»
علمت «السفير» أن الشيخ وسام المصري ومشايخ من «اللقاء السلفي» التقوا بمسؤولين من «حزب الله» على هامش مشاركتهم في احتفال أقيم في الضاحية الجنوبية قبل أيام قليلة، وتردد أن مسؤولي «حزب الله» أشادوا بنجاح المصري في الحصول على ورقة المطالب والتعهد بعدم التعرض للعسكريين، وأبدوا عدم ممانعتهم من الاستمرار بهذه الوساطة.
علمت «السفير» أن الشيخ وسام المصري ومشايخ من «اللقاء السلفي» التقوا بمسؤولين من «حزب الله» على هامش مشاركتهم في احتفال أقيم في الضاحية الجنوبية قبل أيام قليلة، وتردد أن مسؤولي «حزب الله» أشادوا بنجاح المصري في الحصول على ورقة المطالب والتعهد بعدم التعرض للعسكريين، وأبدوا عدم ممانعتهم من الاستمرار بهذه الوساطة.