لماذا هاجمت "جبهة النصرة" حواجز حزب الله في جرود بلدة فليطة بهذه القوة التي بدا من خلالها ان الهدف من الهجوم لم يكن القيام يعمليات استنزافية كما درجت العادة في معارك القلمون؟ سؤال يطرح نفسه بشده، فالهجوم وفق مصادر ميدانية هو الاقوى بعد الهجوم الذي تعرضت له جرود بلدة بريتال اللبنانية. لكن، لماذا فليطة؟ ولماذا اليوم؟

لا يمكن، وفق مصادر مقربة من جبهة النصرة، فصل هجوم "الجبهة" امس على جرود بلدة فليطة عن الاحداث التي تعصف في منطقة القلمون، وخاصة الخلافات الداخلية بين المجموعات المقاتلة، كداعش والحرّ والنصرة. تمدد "داعش" بدأ يخرج عن سيطرة التنظيمات الاخرى، فالتنظيم يتجه نحو السيطرة شبه الكاملة على مناطق نفوذ المعارضة في جبال القلمون، وهذا يعني ان "جبهة النصرة" التي كانت اكبر تنظيم مسلح في تلك المنطقة اصبحت مهددة كغيرها، فغالبية الفصائل المعارضة ارغمت في الاسابيع الاخيرة على مبايعة "داعش"، اضافة الى انتقال عدد لا بأس به من عناصر النصرة، الامر الذي نقل تنظيم "الدولة الاسلامية" من تنظيم الخمسين مقاتلا في القلمون الى التنظيم الاكبر والاكثر اتساعاً وقدرة.

كل ذلك جعل النصرة بحاجة للدخول الى احدى القرى السورية في القلمون لتحقيق امران، وفق المصدر عينه: اولاً تحقيق انتصار فعلي على "حزب الله" تستغله اعلامياً لاعادة بناء الثقة مع المقاتلين السوريين الذين بدأ تطرف "داعش" جذبهم. ثانيا والاهم هو الوصول الى عمقها الحيوي في القرى السورية، فمن المعروف ان مقاتلي "جبهة النصرة" هم بمعظمهم، وبعكس مقاتلي "داعش"، من المقاتلين السوريين، ابناء القرى السورية، هذا يعني ان وصول "النصرة" الى قرى القلمون سيؤمن لها من جديد بيئة حاضنة قادرة على تزويدها بالمؤن والسلاح والرجال. ارادت "النصرة" اذا، البحث عن متنفس يكسبها نقاطا على حلفائها قبل خصومها، ويعيد لها حزء مما خسرته من الحصار الذي تعرف "داعش" استغلاله جيداً.
الاسرى العسكريين

اكثر ما يقلق جبهة النصرة في المرحلة الحالية هو ملف العسكريين اللبنانيين المأسورين، ورقتها الاخيرة في القلمون، فالجبهة قلقة من عمل امني او عسكري ما تقوم به "داعش" يؤدي الى سيطرة التنظيم الاكثر تطرفاً على جميع العسكريين الاسرى، لذا تسعى النصرة في الايام الاخيرة الى ايجاد وسيط جدي يستطيع حل هذا الملف باسرع وقت ممكن.
لماذا فليطة؟

تتصل جرود بلدة فليطة السورية بشكل كامل بجرود بلدة عرسال التي يسيطر عليها مسلحي "النصرة" و"الدولة الاسلامية"، كما ان فليطة تعتبر اقرب قرية في القلمون لجرود عرسال، امر يجعل السيطرة عليها اسهل من السيطرة على غيرها من القرى ومدن القلمون، ويمكن ان تكون نقطة انطلاق لما تسميه "النصرة" معركة "تحرير القلمون". يضاف الى ذلك تضاريس البلدة القلمونية، فهي بلدة مرتفعة عن باقي القرى المحيطة بها، الامر الذي يعطي من يسيطر عليها امتياز التحصن، والتمركز الطويل وتهديد باقي البلدات المحيطة بالنار.

تضخيم اعلامي لهجوم فاشل
ترى مصادر مقربة من "حزب الله" ان هجوم جبهة النصرة فشل، رغم استطاعته السيطرة على نقطة عسكرية لمدة من الزمن، الا ان المهاجمين لم يستطيعوا تثبيت مواقعهم، بل على العكس خسروها بسرعة.

وتصف المصادر الهجوم بالكبير، من حيث عديد المهاجمين والكثافة النارية التي استخدمت خلال الهجوم من التلال المحيطة وخاصة تلة موسى الاستراتيجية، الا انه رغم كل ذلك لم يستطيعوا تحقيق اي انجاز، بل على العكس، خسروا نحو 25 مقاتل، اكثر من نصفهم ممن يملكون خبرات قتالية عالية.

وتوقفت المصادر عن التضحيم الاعلامي لنتائج الهجوم، اذ وجد المهاجمون انفسهم مضطرون لاستخدام صور من الارشيف كي تفتعل انجازات وهمية.

علي منتش ليبانون ديبايت