لميلادك أحمل بردتي الخضراء .. وأستهل قيامتك .. وما لذ لجفون المقاومة إلا أن توافيك بنفس المكان قديسة.. كأنك قادم لتوك من صليبك..وها تلامحت في مداك أزمنة الأسئلة..لا قمر يطلع للعاشقين من غير وجهك..ولا شرق في وحشة الأنبياء بعدك يستحم بدموع الأنبياء..يا سميّ الخلاص ليوم الخلاص..أجدد بنفسجة الرحيل..وأيمم قبلة الزيتون..مثل طفل هاجر مكة..وعلى وقدة الشوق..على حلم الشام..على حب الجنوب..على ماء دجلة..على بيت حانون..على أوجاعك..على هواك صلبونا.. ما اهتز من رموش صبرنا صبر.. قتلونا..ما اعتكر الصبح من رماد أجسادنا والرؤى في سجايانا من سجاياك تمد أشرعة نخلتك الرامحة والمدى رغم الحرائق عطر وعشب ولألأ نهر يكتب الفصل الأخير بنرجسة السماح..ويسميك المسيح..يا صلاة الفجر..يا خشوع الأديرة..يا ناي الحنين..إليك معذبون لأجلك وأتبع ظلك ما دلني أحد عليك سواها.. وأرفع هذا الكتاب الموشى بتراتيل بردى : من هنا أزهر إنجيلها والصباح..
من شرفتين كانتا آخر ما تشتهي دمشق..من طلعتك.. وكلمت روحي في مهد مهدك..
ها هنا تشابك فيكما الضوء بعز يديك ولم يستطع أحد أن يقول الذي تعرفه الشام حينما ولدت..وما كان يشبهك أحد يا عقد جمانتها في وطن التماس بين جلال وجمال تحت سمع الله أطلق فيك نبض قلبه وزينك بكل جنائنه لكي تستعيد أسماءه المخفية منفردوس حزنك يا سيد الوقت من أين يهبط الألم القدسي ويصعد؟!!وما غيّر الورد الشامي سيرتك كأن الذين عادوا لكي يقوم المسيح أسلموني إلى حضنه بالنبوءات..أنا المتوج أبداً بصليبه..كي تصير السماوات أقرب..والروح أجمل دفئاً..وكي تصبح الأرض بيضاء مثل الزهور..وها أنا أغمض جفني على مسقط رأسك وصوت كلحن سرى أو كطيف " سلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"..بلادي المدائن الطهورة ليست سوى ما تضوأ يواقيت أحلامي في عيون مريم أراها تدثرت بأقحوان يحيى وأرجوان الحسين..كيما تهب القرى إلى نقطة الحب بين عينيك وعلى عوسج قابيل الذي شب في ضلوع العراق والاحتلال.. ما زلت أرقب مواعيد ميلادك..أحدق بعتمة هذه الأرض النازفة..وتحت دمع احتراقي أناديك مذعوراً..يا أفصح من فجر الشرق يطيف بمعناك من شتى جهاته رافعاً صوتك..أما والذي صلبك..لولا سغب الأطفال لسقيت آخر فلسطين بكأس أولها..وما تبقى من غراب روحي القتيلة تكاثر في طعنة الفتنة بالخيانات ترغي مثلما عربد الزبد في شرايين من باعك لجلاديك بثلاثين من فضة..كيما ينحني هلالك بغصونك المخضبة في ظلام العرب.. فيا سيد كل فلسطين المسبية..يا مسيحها..يا رجيع صوتك في اختلاجات فصحك..في هودج العناق العناق.. وجهي أنا عربي..وجروحي من دمي الأدنى إلى دمي الأقصى عربية..وكنت أركض في طريق الموت فوق دمي كأني أقاتل ضد اسمي وأرفع نحو السماء التي أنجبتني وجه أخي..فيما أنا بجنون الركض والموت أمزق قمصان توبتي..وعفو رضاك..لا فجر يناديني من جروح سماني..ولا من يدلني في هذا الخراب عليك..فأرقني شكل المدينة وأومأت لوحشة الجمر والرماد..ترى هل وصلت إلى باديات القبائل فتلاطمت بامرأة الرمال الحزينة وانطويت غريباً خلف مئذنة الأندلس لكي أطل على غروب موتي تحت راياتهم كأن ملوك الطوائف نسوني وراحوا كي أنصلب ثانية فوق قبره..وحلمت كأني شقيق يوسف في غيابات قرطبة..ورأيت المدن التي انزلقت من هضبات خوفي تمر إلى قدميك العاريتين وتهمس في قفر الشكايات:خذها تحت عينيك..كأن صهيل الخيول أمواج نهرك وكل نجم من سماواتك يهز كنائس الضوء من مقلتيك..وما همك الندابون ينتظرون مناحة الموت يا سيد القيام والميلاد والانتظار..وأراني أراك تحين في الكلمة:
«في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله والكلمة حلّت فيما بيننا»، فلن يسلم من لهيف حبك..من تكشف له رفيف المحبة من كوكبك..فإذا أنت مبرعم في إهاب الروح بين الكاف والنون أقامك..وإذا الروح القدس في لجتك الخضراء فوق الفوق..يدور بكفك.. كيفما دار صباحك المزدهر..لكي تثبت في الأرض بوصلة المقاومة من مزاهرك الدمشقية الجُلّى بنوار وعدك..وعلى حبك نرشف وردة الله من نقيعها الأحلى يقطر من نافذتك..ولا نكف عن شبّابة المواويل وآه الرجاء ونفاتحك من أول الحزن إلى أخره.. فاعزف لنا فاتحة النهار..أنت علمتها كيف يرفع الصغار أنقاض موتنا بالعزف الجميل..
لتصطبح الدنيا بأجراسك التي غيّرت صورة الأرض القبيحة..وحسبك أن الذي يتموج في دفلى دمك يرفل الآن خلف بستان دمائنا المنسية.. تهاديك الابتهالات بملء البشارة.. وملء انتفاض السنبل.. يصغي ويصدح لميلادك..حين يجيء العيد يا أجراس النهر.. ياأجراس البحر.. يا أجراس الجبل..يا أجراس الريح.. يا كف مريم.. كان هو الحب..
وكان صليبه..الآن يبتدئ سفر تكوين وحدتنا..ولم تزل في عيونك أحلام القرى..وأحلام مريم..واحتفالات الشجر..الذي يستقي أيام الله بكل زمردات فصولك الآتية.. ليفتح جسر الحب نحو ذراعيك..إني أراه الطفل في حدائقها..وأمه المحراب..وجهان من ألق التوحيد..وانكسر القلم الضوء..في البدء كان الفرح.. ومن بدء البدايات..احتجاب العرش..لتزهر الكلمة..وينشق الليل..عن بيدر نهارك والصلاة مراياك..وعرسك الميلاد لأحلام دمشق واحتفالات الشجر.. طوباك تفسر ليل العنى بجلاء حضورك فينا ونحن الغياب..